سنوات وسنوات ونحن نجلب العمالة المنزلية إلى مساكننا الآمنة ، تأتي واحدة وتذهب ، وتأتي الأخرى ثم تذهب ، وجوه عديدة قديمة وجديدة ، راحة وغصة ، جدية واستهتار ، حيطة وغفلة ، وتستمر القصة ، ولا نهاية لهذه القصة ، فالخادم ضرورة ملحة منذ قديم الزمان وحتى في عهد الصحابة والصالحين الأخيار ، ولكن .. بإمكاننا أن نساعد أنفسنا ولو قليلا !! ونسن من القوانين ما يرتقي بنا إلى مستويات أعلى من الراحة والطمأنينة ، فالخدم أصبحوا باهظي الثمن وبشكل خيالي ، وبالرغم من المال "المهدور" على هذه العمالة قليلة الخبرة والرزانة ، فإننا نفاجأ بانعدام الكفاءة والضمير . فكيف نكفل لأنفسنا أي نوع من الاستقرار وصفاء الذهن ونحن نضطر لمعالجة المشكلات النفسية والعقلية والصحية لمن أتينا بهم ليساعدوننا ويعينوننا على انجاز المهام اليومية التي لا تنتهي من تنظيف وطهي ومراقبة للأطفال وغسيل ملابس وكي وأمور أخرى لا حصر لها . ومن خلال إطلاعي على واقع الحال المزري الذي يتعرض له الكثيرون كل يوم ، أنصح بوضع قوانين وسبل تكفل لكل مستقدم للعمالة أن يتمكن بكل سهولة من إعادة خادمته إلى المكتب واستلام أخرى . وأن تكون هذه المسألة طبيعية جدا وشائعة ، فلماذا أضطر إلى إبقاء عاملة مزعجة في منزلي ، وأما في حالة الارتياح المتبادل بين الأسرة والخادمة فستعمد الأسرة تلقائيا على إبقائها ، والمغزى من هذا الكلام أن الأسرة حين تعيد خادمتها إلى المكتب فإنها ستكون بأمس الحاجة إلى تقديم طلب لخادمة أخرى جديدة ، والتي بدورها قد تصل بعد حوالي شهرين ، أو أن الأسرة ستضطر للجوء إلى "المسترجعة" والتي لم تترك منزل كفيلها إلا اثر خلاف حاد ، أما بالنسبة لاقتراحي فهو يكفل لكل بيت حق الاستغناء عن خادمته فور الشعور بعدم الارتياح وبأي وقت ليتسنى له استلام أخرى جديدة وربما غير مسترجعة أيضا . فمن ناحية أخرى فإن المكاتب أيضا ستكون رابحة ولن يكون هنالك خسارة ، فعندما تجلب المكاتب عدة عاملات على كفالة المكتب فإن السعر الذي سيتقاضونه من أول كفيل يتسلم الخادمة سيكون نفس السعر الحالي تقريبا لأنه سيشمل تكاليف استقدامها للكويت ، ثم يصبح استبدال الخادمة بأخرى بسعر رمزي جدا مثلا عشرة دنانير كويتية ، فسيكون للمكاتب ربح يومي عن كل خادمة مستبدلة ، وبنفس الوقت لن تعاني أية أسرة عندما تجد أنها مستاءة من خادمتها ، فكل ما على الكفيل أو "مقدم الطلب" –بحالة إلغاء قانون الكفالة- أن يذهب للمكاتب ويحضر أخرى بدلا عن خادمته وبسعر رمزي ، وسيأتي آخرون لاستلام خادمته التي قام باستبدالها ، والتي قد تكون أكثر ملائمة للأسرة الجديدة ومتطلباتها ، ومع هذا القانون المقترح ستتاح لكل أسرة الفرصة في أي وقت لاستبدال الخادمة ، فلا خسارة مادية ولا إرهاق نفسي ولا تعطل للأعمال نتيجة لانتظار وصول الخادمة الجديدة والتي حين تصل خلال شهرين لا زلنا لا نعلم إن كانت ستلائمنا من عدة نواحي أم أننا سنكون في ضيق وحرج من جديد ! فأتمنى أن يؤخذ اقتراحي بعين الاعتبار نظرا لما فيه من الراحة للجميع سواء الأسر أو العمالة أو المكاتب ، وأن لا نغفل بأن هذا الاقتراح سيحد من الكثير من جرائم العمالة الوافدة ، فكثيرا ما تصاب الخادمة بالحقد والكراهية نتيجة لمشاعر النقص أو سوء الأحوال المادية والأسرية الخاصة بها أو لمشاحنات مع أحد أفراد المنزل ، فتصبح كالقنبلة الموقوتة ، وفجأة تصاب بحالة هستيرية -كما نقرأ دائما بالصحف- فتتصرف بوحشية مع احد أفراد المنزل وخصوصا اتجاه الأطفال الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة ، ولكن تغيير المنزل في حالة وجود خلافات أو سوء توافق أو انعدام للارتياح من قبل أحد الطرفين ، سيكفل للأسرة وللخادمة الهدوء النفسي المطلوب ، فأتمنى من المسئولين دراسة إمكانية تطبيق هذا الاقتراح والله الموفق وبه نستعين .
منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق