لعلنا نعرّف الجنسية على أنها الانتماء الحقيقي للإنسان، وأنها تعبير عن خلفيته الثقافية. ولكن نظرتنا خاطئة! إن جنسية كل منا لا تعبر عن انتمائه وثقافته بقدر ما تعبر عن وضعه الاجتماعي، فمن يحمل الجنسية الكويتية لأب كويتي وأم آسيوية مثلا فقد يكون منتميا إلى وطن أمه سواء جينيا أو لغويا أو وجدانيا.. ولذلك فإن الجنسية ليست إلا إثباتا قانونيا يضع كل شخص في وضع اجتماعي معين، وهذا الإثبات يرمز إلى الانتماء الثقافي والوجداني، بيد أن الواقع يقول -أحيانا- عكس ذلك. فكم من شخص لا يحمل جنسية «بدون»، وكم من شخص من «أبناء الكويتيات» يكن للكويت ولاء ليس بأقل مثقال ذرة من ولاء الكويتي «الأصيل»، كما يقال عمن هو كويتي الجذور. بل لأن تلك الفئتين قد ذاقتا طعم التمييز فهما أرهف حسا وأكثر احتياجا للانتماء ممن لم يتعرض لمشاعر النبذ والاضطهاد، فهم يسعون جهدهم لكسب ثقة المحيطين، ولكن هل هذا سيعطيهم حقهم المفقود! هنالك الكثير من «البدون» المستحقين للجنسية الكويتية، يصطفون في نفس «طابور العرض» مع الذين يخفون جنسياتهم الحقيقية، فمن ينصفهم ويثلج صدورهم ويعيد إليهم كرامتهم المهدورة لسنوات! نعم إن من ينبذ في وطنه هو في وضع ذلة وقهر وامتهان، ولكن في ظل صعوبة تجنيس الجميع، ووجود الكثير من العراقيل والثغرات القانونية، فقد جئتكم باقتراح لعله يكون سببا في حل أزمة التجنيس من جذورها، فهذا البلد المعطاء يحمل كويتيين أبا عن جد، ويحمل متجنسين تحت بند الأعمال الجليلة، ويحمل كويتيين لأمهات أجانب، ويحمل متجنسين من أبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات، وأيضا متجنسات لأزواج كويتيين، ولا تنسوا المتجنسين بالتبعية «أي تبعا لآبائهم».. إذاً فهو مجتمع متنوع الأعراق والأصول، وهذه مسألة صحية. ولكن حتى تكون دولتنا الحبيبة أكثر تطورا، وجب عمل نظام محدد للتجنيس يمنح كل من يعيش على هذه الأرض الشعور بالعدالة والمساواة، ولذلك أقترح بأن يتم تجنيس كل شخص عاش في الكويت ثلاثين سنة فما فوق. طبعا المسألة لا تخلو من الشروط الهامة للمتجنس:
- أن يكون ملفه الأمني نظيفا.
- أن يكون قد عاش جميع تلك السنوات في دولة الكويت ولم يغادرها إلا لسياحة أو علاج أو للدراسة مع إحضار ما يثبت ذلك.
- أن يكون في أغلب السنوات التي عاشها بالكويت موظفا وليس عاطلا.
- أن يكون متقنا للهجة أهل الكويت.
فكيف لمن عاش على أرض ثلاثين سنة أن لا ينتمي لها ثقافيا أو وجدانيا، بل وكيف لا يعشقها ويتمنى أن يدفن -بعد موته- فيها.. وقد حفظ شوارعها ومرافقها وأركانها وكأنها بيته. ثلاثون سنة لا يمكن أن يمضيها إنسان في وطن إلا وسيتغلغل حب ذلك الوطن في قلبه إن لم يكن قد أحبه منذ الوهلة الأولى..
فهل يعقل أن يحمل طفل حديث الولادة «لأب كويتي وأم أجنبية» الجنسية الكويتية، بينما لا يحملها الشخص الذي عاش يخدم على أرض الكويت لثلاثين سنة متوالية على أقل تقدير!
إن الكويت «أم» لكل من يعيش في كنفها خادما لها وحريصا على مصلحتها، ومن حقه في المقابل بأن يُعترف به كأحد أبنائها، ولعل أجمل شعور وطني أن يحببك وطنك كما أحببته.
منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=5598
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق