كيف تحول بنا الزمن بهذه الصورة الهائلة .. فبعد أن كنا أبرياء نستيقظ صباحا لمتابعة المشرك جورج .. أقصد "شاركي وجورج" أصبحنا لا نكترث إلا ببرامج "اهذر على راسي" .. والمصيبة أننا أثناء متابعة هذه البرامج فإننا "ندوخ" لعدة مرات ، حتى نبدأ بعدها بالدخول في "الغيبوبات" المتقطعة ، وعندما نستفيق من الغيبوبة بسبب انتهاء البرنامج الهادف فإننا نلمس رؤوسنا وإذا بها مغطاة بطبقة من الدهن "العداني" ، نظرا لثقالة ودسومة دم مقدمي البرامج "الت .. وع .. وعيه" على حد ادعائهم .. بعدها نذهب بالطبع لإزالة الزيت عن على رؤوسنا وذلك بالدخول في الغسالة وإحكام إغلاقها من الداخل ، وبينما نحن ننظر من نافذتها فإذا بأبنائنا يريدون منا تدريسهم ، وبينما نحاول مخاطبتهم من وراء "شباك الغسالة" إلا أنها تبدأ بالدوران رويدا رويدا ثم ندور من أمامهم بشكل جنوني حتى لا يعرف الأبناء حينها الجد من الهزل ، وبعد انتهاء الغسلة نسارع إلى طرق الباب فتفتح لنا باب الغسالة "لاكشمي" المحترمة ، وهي تبدي علامات الاستهزاء بعقلياتنا ، نخرج من الغسالة ونحن نترنح ، ونبرق بنفس الوقت بسبب الصابون اللي معاه بالغسيل مفيش "مستاحييييييل" ، ثم نسقط أرضا وأبناؤنا الصغار يقفزون فوق ظهورنا دون أدنى إحساس ، وبعد أن نستعيد نشاطنا نقوم بالخروج من المنزل بصحبة بعض الأصدقاء راكبين العربة التي تجرها بعض الأحصنة أقصد بعض "التواير والمحركات" ، وبينما نحن نتبادل التحية مع الأصدقاء فإذا بالصفيحة تبدأ بالإزعاج ، عفوا عفوا اقصد الموبايل .. نرد ولا ما نرد .. نرد ولا ما نرد ثم نرد عالصفيحة المزعجة ضاربين بمن معنا وسوالفه عرض الحائط كما نفعل دائما ، وبعد أن ننهي "كعكعتنا" الغير مبررة ، نقفل بوجه المتصل بمزاجية أهل ٢٠١١ الأخاذة .. ونعاود الحديث مع الأصدقاء ونحن لا زلنا ندور ونتجول بالعربة ذات العجلات والسكان والمكيف .. حتى أصبحنا كالأواني الفخارية التراثية التي اعتاد الناس على رؤيتها في المتاحف ، ثم نقرر فجأة استضافة أنفسنا في أي مقهى أو مطعم يأوينا فقد سئمنا الدوران وسئمنا المنزل و "حيطانو" .. المهم وبعد دخولنا لأحد المطاعم الراقية متظاهرين بالرقي وكأننا أبطال "الماتريكس" حيث تم التوسل إلينا لزيارة هذا المطعم .. وبعد الجلوس وطلب وفرة من الطعام والشراب بل وعبدلي أيضا .. جاء وقت الكعك الملطخ ب"الفادج" الذي يوحي اسمه بالولد الصغير "المتبتب" من شدة العز ، ولا ننسى الشراب الأزرق والأحمر فقد أصبحا أشربة مميزة لدى الكثيرين ، وحيث يحلو اللقاء والجلوس في مطعم "شلني" فإننا ونظرا لكثرة الطعام نصاب دائما بالشلل ، والحمد لله فقد تم توفير خدمة جديدة تقوم بإيصالنا إلى السيارات عن طريق منجنيق صغير يدرس الكترونيا المسافة بين سيارتنا ومحط أرجلنا بالمطعم ليقوم بدوره بقذفنا أرضا عند عتبة باب السيارة بالضبط ، وما أن نركب سيارتنا حتى نعلي صوت الموسيقى ونطير بين العربات الحصنية المسرعة و"نبتون" يمين وشمال وناسة يلا كلنا بنموت ، وما أن نصل إلى بيوتنا بمعجزة خارقة حتى نعنفش ونكتئب من جديد .. أولم نقل أننا سئمنا "حيطانو" .. وها نحن نهوي في صالة المنزل مستلقين على "القنفة" المريحة ، وبعد أخذ قسط وافر من الاستراحة التي لا تخلو من العبث بالصفيحة النقالة واستعراض آخر ما وصلنا عبر برنامج "ماذا هنالك" ! الرائع .. ولسنا إلا بانتظار برنامج "مين هناك " ! .. المهم وبعد القيام بعملية البرودكاست الشهيرة فإننا نقفز على اللابتوب قفزا كما تفعل القرود عند مشاهدة الموز .. وبعد أن نسبب للجهاز "التأفف" والنفور الشديد من وجوهنا فإننا نقوم بالذهاب للنوم ونحن نسحب أرجلنا التي باتت أثقل من دمائنا "الشرباتية" ، وبالرغم من شدة الظلام وبرودة المكيف وهدوء الليل إلا أن الصفيحة لا تزال بأيدينا ومعنا جنبا إلى جنب ، فلربما جاءنا اتصال من شخصية هامة ولها ثقلها كما يقال حتى لو كانت خفيفة على الميزان ! المهم ، وبعد أن تسقط الصفيحة بجانب عيننا اليسرى نظرا لأننا غطينا في سبات عميق ألا إن صفيحتنا لا تزال تومض برسائل المحبين والبرود كاستيون العظماء .. فهي العين الساهرة والتي لا تنام أبدا ومهما كانت الظروف .. إلا إذا خلص شحنها طبعا .. وماذا بعد .. فنحن أيضا نحلم أثناء نومنا بثلاثة أمور لا غير وهي الطعام والبرامج والطلعة ، حتى إذا ما استيقظنا فإننا نتوجه إما إلى الثلاجة أو التلفاز أو السيارة بدلا من أن نتوجه إلى أمهاتنا كما كنا نفعل في تلك الأيام الخوالي ، التي كنا نشاهد فيها "سيند السيئ" اقصد سيند باد ، و"تو مان جيري" أي الرجلين جيري ، علاوة على المشرك الذي أخبرتكم به .. ولكننا الآن تغيرنا وتحولت براءتنا إلى سلوكيات مفتعلة وغير مجدية ، فهي لا تجلب لنا الراحة أو السكينة بل مجرد متع لحظية وشغل لوقت الفراغ بتوافه الأمور حتى أن "فلونه" لو كانت بيننا حية ترزق لفضلت العودة إلى الجزيرة المهجورة على البقاء مع هذه "النفوس المضطربة" .. بل إذا فعلتها فسنقول بأن الشرهة علينا اللي فتحنا لها قلوبنا ، ودعنا من أننا كثيري المن والتفضل على الآخرين ، بل إن ما ذكرته لهو واقع حال الغالبية مع الأسف ، فلا أهداف مرجوة تستحق أن نرهق أنفسنا لأجها ، ولا سكينة ننعم بها في ظل هذا الأسلوب من العيش والجبن كذلك ، وتقبلوا تحياتي الحارة وربما لو كانت "فطاير" لتقبلتموها أكثر .. ودمتم بصحة وعافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق