شعار ترفعه- ومن دون حياء- كل زوجة في العالم من أقصاه إلى أقصاه. «كن حبيبي»، شعار تخاطب به الزوجة زوجها في السر وفي العلن، تقوله في قلبها سواء كان زوجها جالسا إلى جانبها يمازحها أو منشغلا بأي عمل روتيني. تنظر إليه، وأكاد أجزم بأن كل امرأة تغرورق عيناها بالدموع في لحظة ما وهي تتأمل زوجها خلسة، وتقول له في قلبها «كن حبيبي». فهل يعرف الزوج العربي- ولا أعرف عن العالمي الكثير- أن الزوجة تتمنى دائما أن تكون العلاقة بينها وبين زوجها هي العشق واللهفة كما في بداية الزواج وأكثر؟
أيعرف الزوج- الذي يمثل عدم الدراية- أن المرأة تقع في سحر زوجها فور بدئه بإظهار افتتانه بها وانبهاره بجمالها؟
أيعلم الزوج أن الزوجة في هذه الحالة مستعدة لتكون في ألطف وأرق وأحن حالاتها، وأنها مستعدة لطاعته وتقبل أفكاره أكثر من أي وقت آخر؟
لكن المشكلة لا تكمن فقط في معرفة الزوج للمعلومة «الخطيرة» فتنتهي المعضلة برمتها، بل المشكلة أن الزوجات يعلمن أن أزواجهن يتمتعون بكامل المعرفة والدراية بحاجات المرأة، ولكن برودا في المشاعر لدى الزوج نحو زوجته نتيجة اعتياده عليها يجعله لا يقبل على فعل أمر مصطنع، ليس نابعا من مشاعره المتأججة نحوها.
فما ذنب المسكينة التي لم تمل من وجه زوجها، مع أنها أيضا أمضت أغلب الوقت معه، وعرفت كل تفاصيل شخصيته.. ولكنها لا تزال تعشقه، وتتنتظر منه أن يعشقها؟
قد يكون محبا لها، وبجنون، لكن الجنون حقا أنه يريد الاحتفاظ بهذه المشاعر لنفسه. فلأغلب الرجال، وربما العرب تحديدا، عادات مبنية على معتقدات بالية، أحدها أن إظهار المشاعر الجياشة للمرأة سيفقد الرجل هيبته وصلاحياته السلطوية في المنزل، وهذا غير صحيح، فالرجل الرومانسي سيد قلب زوجته، أما الرجل الكتوم لمشاعره فهو كالتمثال الضخم، لن تفكر بالاقتراب منه أو ممازحته، بل من المريح للمرأة اهماله وعدم طاعته والتمتع بإثارة غضبه لما يسببه لها من شعور بالاحباط والفشل. أما الزوج الودود والعطوف، فهو من لا تستطيع الزوجة أن تخفي عشقها الجارف عنه.
أحد المعتقدات البالية الأخرى، أن الزوج المظهر لمشاعره الحقيقية ضعيف الشخصية، وأنه لو علم الناس بضعفه هذا، سينال منهم سخرية لا حدود لها. وهذا هو الغباء الحقيقي في الاكتراث بأقوال الحاسدين وافساد العش الآمن وأجمل لذة في الحياة الدنيا، وربما في الآخرة أيضا.
هل تعرف أيها الزوج في كل بقاع الأرض، ماذا تريد منك زوجتك؟ أجل سمعتك تقول «أعرف جيدا»، وأي رجل منكم سيقول لا أعرف.. من فضلكم أفيدوني!
المهم، أن ما تتمناه الزوجة هو ان ينظر زوجها في عينيها، ويخبرها بين حين وآخر بحقيقة شعوره نحوها من دون ابتسامة أو هزل، بل بكامل الجدية حتى تطمئن المرأة لمصداقيته، وقد تبكي لو كان بالفعل مليئا بالصدق والجرأة.
تتمنى أن ترى في عينيه الدموع - دموع الشوق - عندما يتصافيان بعد شجار عنيف وابتعاد، وتريد أن تقول لها دموعه عن مدى حبه لها وهيامه بها. تريده أن لا يخجل من دموعه لأنها دموع صادقة ونقية، ومن حقها أن تظهر وأن لا تكبتها «التقاليد المخجلة»، التي أبادت قلوبنا قلبا قلبا تحت مقصلة «مفاهيم الرجولة المتخبطة».
تريد الزوجة من زوجها أن لا يمل منها، وان لا يسمح لإمرأة أخرى أو أمر آخر أن يحتل ذلك المكان الجوهري في قلبه. إن الزوج الذي سمح لحب آخر أن يأخذ «جوهر قلبه» من زوجته قد خسر نفسه، لأن الخائن ذليل دائما ولا يمكن ان يكون مرفوع الرأس، وإن كانت مجرد خيانة قلبية.
ومع الأسف فإن الحاجة الملحة لدى المرأة الى الرومانسية في ظل افتقادها الشديد لها، جعلت بعض الزوجات ينزلقن في عالم الظلام والحرام ظنا منهن أن الرومانسية الحقيقية ستكون حتما هناك! وأقول لهؤلاء: اصبرن وكن مع الله، فالحرام لن يجلب أي مشاعر صادقة أو حقيقية مهما بدا العاشق رومانسيا.. أما هؤلاء الأزواج «التعساء» فعسى أن يستيقظوا من دوامة الجهل وترى أعينهم نور الحب ولذة العشق الدائم بين الزوجين.
النسخة المنشورة في جريدة القبس
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=560735&date=24122009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق