كثيرا ما أرى هذا المشهد أمام عيني ولا أستطيع بصراحة أن أغفل عن التفكير فيه.. امرأة تسير باستعجال، ومن خلفها كتاكيتها الحلوين، ولكل كتكوت «مرشد سياحي» حتى لا يضل الطريق. ومن الطبيعي أن لا أستنكر على هذه الأم المسكينة جهدها المضني في تربية أبنائها سواء من النواحي المادية أو النفسية، لكن هل الحاجة تستدعي فعلا هذا العدد من الخدم؟
فإذا كان لكل طفل خادمة، إذا فالجهد شاق جدا على الأم. وبغض النظر عن الأسباب التي جعلتها تنجب الكثير من الأبناء في مقابل العجز عن تولي أمورهم وأمور المنزل بمساعدة خادمة واحدة، فلا بد من ذكر التأثير السلبي للخادمة على الجو الأسري.
فالزوج والزوجة بحاجة كبيرة إلى الاندماج معا في أجواء مرحة ورومانسية، لكن في ظل وجود خادمة في الجوار، فإن كلا من الزوجين سيشعر بالخجل والرسمية والعجز عن التعبير عن مشاعره الحقيقية بشكلها العفوي باتجاه الآخر، وهنا يبدأ التباعد بين الزوجين وهم تحت سقف واحد.
لكن وجود ميري أصبح ضرورة لا رفاهية، فالبيوت كبيرة واعمال المنزل كثيرة من طهي وترتيب وتنظيف ومراقبة للأبناء والاعتناء بشؤونهم والاهتمام بالزوج وحسن التألق له والجلوس معه، فلا بد أن تكون الأم بعد كل هذا الجهد بحالة عصبية، قد تستدعي استدعاء واحد من «الطب النفسي» ليلملم شتات امرأة حطمتها الضغوط، وتوقف قلبها نتيجة للجري المستمر في «مضمار الأسرة الناجحة».
فإذا عادت الزوجة من عملها وهي بصحة جيدة، فلا تتفاءل بأنها ستكون بخير بعد «مغيب الشمس»، لكن الخادمة ميري «الرحوم الرؤوم»، لم تتركها رهينة للضغوط والهواجس والآلام، وإنما كانت لها ذراعها اليمنى، وشريكها المخلص في «مضمار السباق».. فما جزاء ميري بعد كل هذا الركض والدوران والانحناء والانقلاب والانشقاق والانبثاق والصعود والهبوط والالتفاف والتحليق أحيانا خلف الصغار الممتلئين حيوية ونشاطا؟
أرجو منكم ان تعاملوا ميري زين، وأن تتغاضوا عن بعض أخطائها لأنها انسانة مثلكم، ولكن ما يميزها انها ضحت براحتها لتساعد اسرتها الفقيرة «واللي بيأذي ميري يتحمل حمولها».
ونصيحتي للزوج أن يعتني بمشاعر زوجته، وان لا يزيد عليها الثقل بتقطيب حاجبيه وسرعة الغضب والهروب من المنزل.
ولك يا عزيزتي الزوجة المنهكة، ان تخصصي وقتا هادئا ورومانسيا تضعين فيه ميري والصغار في «زنزانة بدون باب» حتى تندمجا معا انت وزوجك، الذي داخ من مشاهدتك انت وميري تجريان كـ«توم وجيري» او كـ«شاركي وجورج»، في جو رومانسي لا تشوبه شائبة.
زوجك لن يخبرك بحاجته الى حنانك، لكن استخدمي الذكاء «المخبأ للطوارئ» ولا تبخلي عليه به. وقليل من التنسيق يساوي الكثير من الراحة، ولا تستسلمي.
النسخة المنشورة في جريدة القبس
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=524866&date=13082009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق