حن جميعا نقع ضمن نوعين من البشر: نوع سطحي وآخر عميق.. يعني نوع «زوري» وآخر «مزلقان».. ولا أحد فينا ينفع «مطبق سمج». المهم، أن النوع السطحي يفكر دائما بالماديات: كمية أموالي، موبايلي، سيارتي، نوعية معارفي، شكلي، ملابسي، وغيرها من الأمور «التمظهرية»، ويتناسى هذا النوع بشكل عام الأمور التالية: المشاعر، الصدق، الإخلاص، الحب، الكرم، الرحمة، الود، العطاء.
أما النوع الآخر فلا يكترث بالـ«محسنات البديعية» إنما يركز على المشاعر والمبادئ السامية. فأي النوعين من وجهة نظر المجتمع يحظى باحترام اكبر وهيبة؟ أظن أنه النوع الأول.
فلولا سيارتك الفارهة وجوالك المتطور وطلتك البهية، لما نظروا إليك كإنسان «باستحسان». فما شعورك حيال نظرة الآخرين إليك على أنك مجرد مجموعة من الأدوات «غالية الثمن»، وعدم اكتراثهم بمشاعرك إن كنت تضحك أم تبكي دما وحزنا وأسى.
إن كان ذلك يرضيك، فأنا لا أصدقك.. وإن كان ذلك يزعجك، فأنت أيضا تنظر بنظارة الآخرين نفسها.. النظارة التي لا ترى الا «الكشخة» وبلهجات أخرى «الجخ». لكنك عندما تتغير وتفكر في إحساس الآخرين والصدق الشعوري معهم فإن الآخرين حتما سيبدأون بالتغير. فلنحارب معا وباء «اللوك» و «الكشخة» وليكن منبع جمالنا هو قلوبنا الصافية، فهل تفضل صديقا كشخة وسطحيا وغبيا على آخر بسيط ومخلص وعميق المشاعر؟!
«لا تفتح فمك لتفكر» اقفله واركض بعيدا وفكر مليا بمن ستتزوج «دلال» أم «مضاوي»؟
عندما كانت دلال وأهلها وخطيبها في معرض السيارات، قال لها خطيبها (لن أذكر اسمه): أي سيارة تبين حبيبتي؟
فقالت دلال: هذيك الغالية اللي لونها سلفر.
فقال لها خطيبها: حاضر، صج انها «تقص الظهر» بس ما تغلى عليك.
واشتراها لها.
أما مضاوي فعندما سألها خطيبها أمام أهلها في معرض السيارات عن سيارتها المفضلة، احمرت وجنتيها وقالت: «اختار السيارة اللي سعرها يناسب ظروفك، المهم ان نكون مع بعض»!
واشترى لها سيارة جميلة ومعقولة الثمن، وفرحا كثيرا بالسيارة الجديدة لأن مضاوي قنوعة و«عينها مليانة».
هذه المضاوي لم يعد أحد يقدر قيمتها في الوقت الراهن، وقد ينظر إليها البعض على أنها «مرخصة بنفسها» لمجرد أن قلبها معرض عن المادية ويعيش في حالة من الحب والصدق. وإن كنت سأثمن لكم مضاوي، فهي لا تقدر بكنوز الأرض في وقت ما عاد لدينا فيه من البشر إلا من نوعية دلال التي في المثال السابق (وليس كل دلال بدلال)، بل هناك «دلالات» كلهن خير وبركة «أخاف يزعلون بعد».
المهم والأهم أن لا نسير مع القافلة ونحن نيام، بل أن نفكر دائما في مدى تأثير الأمور (حتى المتعارف عليها منذ القدم) على حياتنا.
والآن قرري أنت أيضا.. من هو الأصلح لحياة زوجية سعيدة «خالد» أم «عبدالله»؟ ويمكنك حذف إجابتين إن أردت!
النسخة المنشورة في جريدة القبس
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=536352&date=29092009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق