إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

دواير سعد ومنيرة !




لا تزال منيرة تحلم بذاك الفارس المغوار، راكبا جواده الابيض، حاملا بإحدى يديه سيف الشجاعة والقوة، وباليد الأخرى راية الحب والمجد والحرية. ولن ننسى بالطبع أن منيرة فتاة حلوة وذكية كما تصف نفسها كل امرأة.. بالمناسبة أيها الرجال فمن منكم يقول عن نفسه أنه جبان أو غبي؟
المهم.. تستاهل حواء كل خير، لكنها لو تصاب قليلا بـ «انفلونزا الحياء»، لأصبحت أحلى واحدة. المهم مرة أخرى.. منيرة بنوتة رقيقة وعاطفية، فلماذا تحلم بفارس طويل وعريض وأشبه بالوحش؟!!
لأنها يا أعزائي تظن، ولا تظن هي بل تظن فطرتها السوية، أن في داخل هذا الوحش أرنبا وديعا بحاجة إلى الحب والاحتضان.. المسكينة خدعتها السينما، وقصص العاشقين.
وبينما منيرة تحلم.. يرن الهاتف، فتطير ام منيرة لتتلقى السماعة طيران محاربي الساموراي العظماء، وفجأة يعم الصمت والهدوء في الدار، ثم لا نسمع إلا صوت الأمواج المتلاطمة.. وصهيل الاحصنة.. وامرأة تصرخ وتقول: خطّاب لبنيتي منيرة.
وبعد السين والجيم.. وارتعاشة يد حاملة صينية العصير، وانقلاب الصينية فوق رأس ام العريس، تمت تصفية الحسابات بعمل ديسكاونت على المهر وتم الزواج بحمد الله.
لكن.. كيف سارت الامور بين سعد ومنيرة؟
جاءت منيرة في ليلة العمر لترقص مع الفارس المدعو سعد، لكنها اكتشفت أنه لا يحب هذه السخافات! وبعد شهر جاء يوم ميلادها فلم يعترف به. وعندما طلبت منه أن يسمعها كلاما عاطفيا قال لها: دعي ام كلثوم، او ربما عمرو دياب، يسمعانك ما تحبين.
وعندما مرضت منيرة تمنت لو كان لسعد نظرة حنان تمس قلبها وتبرئه.. لكنه اكتفى بأخذها إلى الطبيب وأداء الواجب على أكمل وجه!
شفي الجسد، لكن القلب - يوما بعد يوم - صار عليلا، وجف في قلبها الحب سواء لزوجها أو لأي كان، وحتى الرغبة لديها في الحياة أصبحت معدومة.
وبعد أن أصيبت منيرة بداء الاكتئاب الناتج عن داء الخنازير الذي يعاني منه زوجها منذ زمن بعيد، قرر تطليقها والزواج بامرأة أخرى جديدة في كل شيء، تضحك للحياة، والامل يشع من عينيها.. ببساطة لأنها لم تعش مع سعد الذي في قصتنا.
وقد أحبها فارسنا حبا جارفا، وظن أنها هي جنة الدنيا، لكن بعد ان تزوجها ومضى على زواجهما اشهر قلائل.. بدأت تدور الدواير وليس التواير وأصبح سعد ليس إلا مُعلّقة من معلقات المتحف.. أو بالأحرى البيت التعيس.
فقد جعلت المدعوة جنان حياته وباللهجة المصرية جنان. كانت لا تسأل عن زوجها قط، لا تطبخ ولا تنظف ولا تجلس في البيت ولا تريد الحمل ولا تمزح معه، كان كل ما يهمها هو دراساتها العليا.. وعشيقها المتزوج.
كانت كالشيطان الذي اتى ليقتص من سعد ما اقترفه بحق منيرة، الفتاة الجميلة الوديعة الراقية بفكرها وعواطفها.
وقرر سعد بعد سنوات من المرارة تطليق جنان ومحاولة العودة إلى منيرة، التي طار قلبها وطارت أمها يوم خطبتها، ولا ننسى أنه طار حلمها وزوجها بعد ذلك. لكن العدالة الحقيقية أشعت وتوهجت عندما وجد سعد أن منيرة الكئيبة تضحك ملء فمها سعادة وبهجة مع جمال الزوج الجديد .. الطيب والرومانسي والحنون.
لكن.. هل سعد ذكي بشكل كاف ليدرك أنه هو من كان وراء اكتئاب
منيرة وفشل زواجهما، أم أنه ما زال يسير بلا فكر ولا منطق، يصطدم بجدران الحياة وابوابها، فلا يعرف اي باب منهم يهدي إلى السكينة والاستقرار؟!


النسخة المنشورة في جريدة القبس :

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=563914&date=03012010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق