إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 10 نوفمبر 2011

يوميات الآنسة .. "اعتراض" !



استيقظت "لولو" من نومها ، وهي الآن من سيسرد أحداث قصتها بنفسها ..
استيقظت من نومي مرهقة حيث أنني لم أكتفي من النوم بسبب سهري أمام شاشة التلفاز لمتابعة برنامجي المفضل ، ويمكن أن أعبر عن إرهاقي الشديد بكلمة (اعتراض) ! ..
قمت من سريري أترنح وعندما حاولت لبس "نعالي"  قمت بتكرار المحاولة لخمسة مرات حتى ركلتها بعيدا وسرت بغضب غير مبالية ، ولسان حالي يقول (اعتراااض) ! ..
فتحت الثلاجة لشرب حليبي المفضل ولكني لم أجد منه ولا علبة واحدة ، وعندما نظرت إلى طاولة المطبخ وجدت أن آخر علبة قد شربت للتو .. (اعتراض) ! ..
أثناء ارتدائي لثياب العمل انقطع أحد أزرة قميصي فاضطررت لتثبيت "جلاّب" مؤقتا مكان الزر المقطوع ، وشعرت بأن ثوبي سيكون مثار استهزاء زميلات العمل والمراجعين  (اعتراض) .. !
ركبت سيارتي وانطلقت في طريقي إلى العمل ، وبالرغم من أنني قد خرجت قبل موعد العمل بخمسة وأربعون دقيقة إلا أنني وصلت متأخرة ، فأصبت بالإحباط الشديد ، علاوة على "حسن استماعي" لبعض الانتقادات والتوجيهات من مديرتي في العمل ..  (اعتراض) .. !
جلست في مكتبي ، أعمل وأعمل وأعمل أنا وزميلاتي ، وبعد عدة ساعات زارتنا زميلة لا تحبني ولا تطيق رؤيتي ، وبالرغم من ذلك فهي تزورني في مكتبي وتحب إدارة بعض الحوارات معي ، لينتهي الأمر بجدال تافه حول قضية أتفه .. فهل يجوز لي ال (اعتراض) .. !
بعدها انتابتني حالة من الضيق والملل بسبب شدة معاناتي من وقت الفراغ القاتل في مقر العمل ، فقررت أن أتجول بين المكاتب تبعا لنصيحة مسئولتي المباشرة والتي لا تحب أن نحمل أنفسنا فوق طاقتها .. وما أن بدأت جولتي حتى بدأت مسئولتي بالبحث عني كمن أضاعت وليدها .. وعندما سألت جميع طاقم الإدارة عني واستدلت على "إحداثياتي"  بدأت بإغراقي بكلمات اللوم والعتب بسبب تركي لمكتبي في ساعات العمل .. حيث لا يوجد عمل .. (اعترااااض) !
وجهت إليها ابتسامة الحب والمودة أثناء هزي لرأسي كناية عن التأييد والموافقة المطلقة ، عدت إلى مكتبي مع شراب "الشاني" الذي اشتريته للتو ، وما أن جلست في مكتبي ورفعت يدي الحاملة بالشاني لأشرب منه شربة هنيئة مريئة حتى قفزت موظفة أخرى لتجلس في مكتبي وتروي لي تفاصيل ما يدور في أروقة العمل من مؤامرات خفية ومكائد حقيقية .. وبعد استماعي للكثير من مصائب وحيل النساء أو بالأحرى "الأفاعي البشرية" ،  أصبت بالحزن والاكتئاب فعزفت عن شرب الشاني .. وتركته  لمصيره المحتوم في سلة المهملات .. (اعتراض) !

 بعدها اضطررت لأن أقوم بدور "حكيم الجبل" الذي يحاول أن يحلل الأمور ويوجد أروع الحلول .. ولكن الحلول التي كنت أضعها هي مستحيلة التطبيق ، نظرا لصعوبة وتشعب المشكلات التي نواجهها مع الخصوم ، وعندما كنا نشعر باليأس من التغيير فإننا نبدأ بتغيير دفة الحديث ومحاولة إضفاء بعض الأجواء المرحة في العمل حتى لا يتعكر مزاجنا ويبلغ ذروته القصوى .. ولكن جميع محاولاتنا قد لاقت مصير الفشل ، وها نحن من جديد نكرر الحديث حول الأعداء .. متناسين وجوب الانشغال بأمور أكثر أهمية .. (اعتراض) .. !
وبعد أن انتهت ساعات العمل الرسمية  ركبنا سياراتنا لنعود إلى بيوتنا التي أتينا منها ، وفي طريق العودة والشارع في قمة الزحام ، شعرت بنعاس شديد ، وما أن أغلقت عيني حتى بدأت الأحلام تتلاعب بي ، وفجأة ، سمعت صوت رجل يصرخ فإذا به واقف عند نافذة سيارتي يطلب مني المضي في السير بدلا من النوم ! .. (اعترااااض) .. وقليل من الرحمة !
وصلت إلى بيتي أخيرا واستقبلتني أمي بالأحضان ، جريت إلى سريري أريد أن أرتمي فوقه وأنسى جميع الهموم ، ولكن أبي كان يناديني بغضب ، فهو مستاء من ذهابي في الليلة الماضية إلى السوق والتأخر عن الموعد المحدد لما لا يتجاوز العشرة دقائق .. (اعتراااااض) !
لم أجب بتمرد لأن كل ما أفكر فيه هو النوم ، أنهى والدي سلسلة مطالبه وشروطه ، وأنا أجبته بالموافقة طبعا ، ثم انصرفت إلى حجرتي ، واستلقيت على سريري الغالي .. وبالرغم من جوعي الشديد إلا أن النعاس والإرهاق كانا قد تمكنا مني تماما ، فنمت ، وغرقت في النوم ، ومع الأسف استيقظت سريعا بسبب حلمي المفاجئ بأنني أسقط أرضا .. (اعتراض) .. !
قمت متوترة وسرت إلى المطبخ لأتناول طعامي الشهي ، فإذا بالخادمة تخبرني بأن أختي قد تناولته نظرا لأنني –وعلى ما بدا- لم أكن جائعة .. (اعتراض) .. !
عدت إلى سريري في محاولة أخرى للنوم ، ولكن صرصورا كان يسير أمامي على أرض الحجرة ، قفزت من مكاني وجريت لأحظر وسيلتنا المعتمدة للخلاص منه .. ولكنه اختفى ، جلست أبحث عنه لوقت طويل حتى تمكنت منه .. ثم عدت إلى المطبخ لعمل "ساندويتش جبن" ، وبعد أن تناولت الساندويتش على عجالة بسبب شدة نعاسي وإرهاقي ، ذهبت إلى سريري لأنام ، استلقيت على السرير ونمت .. وليتني لم أنم ، فجرس الباب بدأ يدق لألف مرة ، إنه مصلح السخان على ما يبدو .. قلبي سيتوقف من شدة التوتر والتعب (اعترااااض) !
حاولت بعد بضع دقائق بأن أجتهد في العودة إلى النوم ولكن أمي بدأت حينها بطرق باب حجرتي لتخبرني بأن مصلح السخان يعمل داخل البيت فيجب أن لا أظهر أمامه وخصوصا "بالأزياء المنزلية" .. فأجبتها بصوت يكاد يختفي : حااااااضر .. ولم يعد قلبي يحتمل تجربة محاولة النوم لمرة اخرى .. (اعتراااض) !

قمت والغضب يعلو حاجبي ولبست ثيابا "رسمية" وخرجت لمشاهدة التلفاز ، ولكنني تذكرت بأنه –أي التلفاز- هو السبب في كل ما يحصل لي ، فهو بداية الحكاية .. حكايتي مع الإرهاق .. لكنني قلت في نفسي "وداويها باللتي كانت هي الداء" .. فاستلقيت على الكنبة في غرفة المعيشة ، وبدأت بتقليب القنوات ، وفجأة .. طرت في عالم الأحلام الجميل .. إنني نائمة .. وأحلم أيضا .. لا لا يوجد أي اعتراض الآن .. إنها أجمل لحظات عمري .. لحظات من الراحة الخالدة والأبدية .. ولكن هل سيحدث أمر ما ليوقظني في هذه المرة ؟! جرس المنبه مثلا !

لا لم يحدث شيء .. كنت في قمة الاستسلام ، ولم أعمد إلى التخطيط للنوم فنمت ! .. كثير من الأمور تهرب منا بقدر جرينا وراءها ، وذلك لأنها لا تحتاج إلا إلى إهمالها أو جعلها لتحدث بصورة طبيعية دون افتعال .. هذا طبعا لا ينطبق على كل شيء ، فبذل الأسباب مطلب شرعي ومنطقي للحصول على أفضل النتائج .. لكن الحياة تتطلب الإصرار تارة .. والاستسلام تارة أخرى .. واستبدال مشاعر الاعتراض بالرضا وحسن التوكل على الله سبحانه وتعالى ، ومن توكل على الله كفاه .

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق