إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

سيّحت دمه .. بالخيال !



عندما نغضب من الآخرين فإننا نحاول التنفيس عن غضبنا بأي وسيلة متاحة وآمنة، فالإنسان إن لم ينفس عن غضبه قد يصاب بأمراض العصر، ومن ضمن وسائل التنفيس العفوية تخيُّل أمورٍ لا نستطيع تطبيقها في أرض الواقع، كأن يتخيل الزوج - الغاضب من زوجته - أنه «ماسكها من شعرها» ويدورها بالهواء كالمروحة والزوجة تصرخ و «تولول» ولا من مغيث.
أو أن تتخيل الزوجة وهي «غيرانة» على زوجها بأنها وضعت له قنبلة موقوتة في سيارته ، وما إن يخرج من المنزل حتى تجري إلى النافذة لتشاهده وهو ينفجر و«يمسح من الوجود». كما سمعت من كثير من الفتيات بأنهن يتخيلن أنهن يقتلن إخوانهن لشدة غيرتهم عليهن وترقُّب كل حركاتهن وسكناتهن بعين «شكاكة وظنونة».
إن الخيال نعمة عظيمة، فقد تتخيل نفسك فوق جبال الألب «ملفلفا» بالأصواف والغيوم تخترق وجنتيك الحمراوين، وما أنت إلا طالب بقاعة اختبار تواجه امتحانا بائسا واستاذا «أبأس» ، أو أن تتخيلي نفسك تأكلين آيس كريم وتضحكين مع صديقاتك وتستمعين لأغنيتك المفضلة «حبيبي ما هو الأول»، لكنك في الحقيقة أصبحت جدة ولا يجب أن يعرف أحفادك شيئا عن «مخيلتك الخصبة». إن الخيال الواسع لن يجعلنا نكره بعضنا، لكنه خاطر يمر على ذهن كل انسان بحالة غضب ليهدّ.ئه نسبيا.
ولنأخذ أم خالد نموذجا ، فقد كانت غاضبة من زوجها لأنه لم يتذكر يوم زواجهما، بل أطال في تلك الليلة السهر في الديوانية «ويا الربع» وعندما عاد الى البيت، دخل وعلى وجهه علامات التعجب من زينة زوجته المبالغ بها، ثم ذهب للنوم. فلم يكن منها إلا أن جلست تبكي وتبكي وتتخيل انها تتوجه الى المطبخ، وتستل سكينا، وتذهب بها إلى غرفة النوم، ثم تغلق ضوء «الأبجورة» وترفع يدها لتطعن بوخالد، ثم تطعنه بالفعل، وطعنة تلو الأخرى حتى سيَّحت دمه وصار جثة هامدة لا حول لها ولا قوة، وهنا قالت بصوت مرتفع: يستاهل.
وفجأة تنبهت بأن الموضوع ليس إلا ذكرى زواج، فجل الله الذي لا يسهو.
وبصراحة بعد خيالها هذا «كسر خاطرها»، وذهبت إليه لتذكره بالتاريخ، فما كان منه إلا أن اعتذر بشدة على نسيانه، وعاهدها بالسهر معها وبأخذها في الغد إلى مكان تحبه وبهدية ترضيها.
شعرت ام خالد بأنها قست على زوجها بخيالها، فحنَّ قلبها عليه ككل امرأة سوية لا تحتاج الى اكثر من كلمة طيبة لتذيب قلبها وتملأ وجدانها وتدمع عينيها. وسهر الزوجين سهرة جميلة، وكانت لا تنفك تقول له: الله يحفظك ويخليك لي.. الله يحفظك ويخليك لي.


النسخة المنشورة في جريدة القبس :

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=538811&date=07102009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق