يرن جرس الإنذار "عفوا المنبه" تفتح الفتاة عينها اليسرى قبل اليمنى ، تنظر إلى ساعة الآيفون بحملقة –والتصريف الثلاثي لفعل الحملقة .. حملق يحملق فهو حمليق- تربكها الساعة الكريهة التي بثت إليها خبر تأخرها في الإستيقاظ هذا الصباح ، ولكن فجأة .. تتذكر أنها بلا زوج .. وأن قطار العمر السريع يمضي ، لماذا لا يتوقف هذا القطار أبدا ! تشعر باليأس فتنوي أن تضرب يديها أخماس بأسداس –وبالنسبة للأسداس هل هو اصبع حديث التكوين- المهم ، لكنها تعجز عن ضرب الأخماس لأن يديها مغلولتان إلى عنقها و"مفقوصتان" تحته .. وهنا يبرق في ذهنها صور من مناسبات عدة ، عرس صديقتها المقربة ، خطوبة خالتها ، ملجة بنت عمها ، خطيبة ولد عمها .. ويسري الإحباط إلى جسدها المتهالك تحت الأنقاض ، تنهض قافزة قفزة واحدة إلى الحمام ، تنظر إلى المرآة "فتصرقعها" نفرة جديدة ، تحاول اقتلاعها بكل الوسائل الودية فلا تستطيع ، تنادي ميري لتحضر لها الدرل أقصد "الجلابتين" ، وبعد صراع طويل .. تنجح العملية الجراحية ذات التخدير الموضعي ، المهم ، سارعت الفتاة بالأكل واللبس وبدأت بوضع الماكياج ، مرطب ثم مجفف ثم مرطب ثم مجفف ثم حماية ثم وقاية ثم حماية ثم أساس ثم نهاية ، بعد ذلك الشدو والمسكرة والكحل والحمرة والتحديد والبودر واللمعة ولا ننسى العدسات العسلية ، أهم شئ ، حتى يظن الجميع أنه جمال طبيعي "رباني" كما يقولون ! بعد ذلك تركب سيارتها الفاخرة وتنطلق إلى ميدان العمل ، ثلاث ساعات من العمل المتوتر وها قد حانت ساعة "الإستئذان" .. هذا يومها المميز فسوف تطلب الإستئذان من العمل ، لديها شئ مهم لتقوم به ، تم قبول الإستئذان وقد انصرفت وهي تطير كالعصفور اللاهث نحو الماء ، تركب سيارتها وهي "تقروض" أظافرها الطويلة ، وتفكر بأفضل وأكبر مجمع تجاري من الممكن أن تصطاد فيه فرائسها ، ترفع الهاتف وتتصل بصديقتها المفضلة وتحددان معا نقطة الإلتقاء ، أوقفت الفتاة سيارتها وبدأت تمشي مشية العارضات متجهة إلى بوابة المجمع التجاري ، وحين وصلت لبؤرة الفساد حيث تقف صديقتها اطلقت لأسنانها العنان بابتسامة أعرض من عريضة ، وبدأتا بالمجاملات والقبل والحركات المملة المتكلفة . ثم سارتا تتهامسان ، وعيناهما لا تنظر إلا إلى الشباب ، وحين تجدان من يروق لهما تبدآن بالتبسم له ومحاولة السير إلى جانبه بطريقة توحي بأنها مصادفة . وبعد ساعتين من العناء توقف شاب وسيم جدا ، وبدأ بالحديث معهما قائلا : من منكما تريد أن تكون من نصيبي ؟ وهنا فقط التقت عينا الفتاتين ببعض . فقال : أعطوني أرقام أبويكما فسأفكر جديا باختيار أحداكن ومن ثم سأتصل بأبيها لأتقدم لخطبتها ، فانفرجت أسارير كل منهما بالرغم من القلق المكنون بداخلهما جراء هذا التنافس الشرس ، وأعطياه الأرقام المطلوبة ، سار الشاب بعيدا عنهما وقام بالإتصال على تلك الأرقام ، حيث أخبر والدي الفتاتين عن ملاحقتهما له وتسكعهما لما يقارب الثلاث ساعات في المجمع التجاري بينما يظن والديهما أنهما في مقر العمل .. هذا الشاب هو أحد "المنقرفين" من تصرفات الفتيات المشردات . فيا من تنافسن بزينتكن أجمل جميلات العالم ، لن تتزوجوا عن طريق الماكياج والأزياء العارية "الموميائية" والعمليات التجميلية التي توحي بانفجار وشيك للوجه والشفتين . ولكن الزواج الموفق يتم ببركة وتوفيق من الله وحده حتى لو كنتن في بيوتكن متخفيات عن الأعين فلن يضل عنكن هذا النصيب المقدر . وأما من تسعى لتنعم بالزواج من خلال علاقات الحب المحرمة فلتأذن بأجمل خيانة زوجية قادمة إليها في الطريق ، ومن تظن أن الحب يبقى والعشق يدوم وذكاؤها وجمالها هما ما سيبقي على هذا الحب فهي عديمة خبرة في الحياة ، ومن تظن بأنها تستطيع أن تغرس نفسها في أذهان الرجال فهي مخطئة ، فالرجال ليس لديهم ذاكرة عاطفية مثل المرأة ، فستكونين مجرد فتنة لحظية و عابرة ستنسى سريعا ، فلماذا تحملين نفسك الكثير من الذنوب في مقابل هدر الكرامة ! .. ولعل وصيتي إلى كل امرأة رخيصة تعرض مفاتنها لأي حاجة في نفسها أن تتراجع سريعا وتتوب توبة نصوح تسابق فيها حلول غضب الله عليها وقبل أن تفقد نعمة ظنت أنها لن تفقدها أبدا .. إن الجمال الحقيقي هو صبغة من الله سبحانه وتعالى يتوجها المرء بالأخلاق ، ولكن الإكتفاء بتجميل المظهر يدل على شدة قبح الجوهر .. نعود من جديد إلى الفتاة وصديقتها "المكلومتين" وبعد تلقي ضرب مبرح من والديهما ، فكان عقاب والديهما المحدد لهما أن تمشيان في نفس المجمع التجاري لمدة ساعتين بزي المومياء الأبيض الأشد أناقة وملائمة لهما .. ودمتم بألف صحة وخير
منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق