تررررررررررررررن، تقفل المنبه المزعج، الساعة الرابعة فجرا.. لماذا يجب أن تستيقظ في هذا الوقت المبكر؟
قد تكون الاجابة: حتى تصلي الفجر بموعدها!
إجابة خاطئة، بل لتضع «الميك آب» و«تسشور» شعرها، وتضبّط قبة «الحجاب الأخطبوطي» على زاوية تسعين درجة.
المهم، من الحمام إلى المرآة ومن المرآة إلى الحمام ثم السيارة، وليس مهما الإفطار، فالمسكينة لم تأكل شيئا، لكن المهم أن لا تفقد جاذبيتها أمام الآخرين، قد «تعنس» والسبب بالطبع «سوء تمكيج» أو قبة رأس بزاوية لا تتناسب مع المقاييس العالمية.
هذه الفتاة مكافحة جدا، فقد أتت بمثلث قائم الزاوية لقياس مدى دقة القبة المندسة تحت الحجاب، هذا الإخلاص في العمل نادر الوجود.
المهم بعد كل هذا طارت «السنيوريتا» إلى دوامها آملة متأملة أن لا تخذل في هذا اليوم كغيره من الأيام التي لم تخطب فيها فور ظهورها على مسرح الدوام.
وبعد وصولها - لاهثة - بسلام إلى مقر العمل، إذا بها تتلقى الإطراءات على مظهرها «المهرجاني» (مشتقة من المهرج) وعلى جمالها الكوميدي، فالقبة عمارة آيلة للسقوط، والوجه والشفايف منتفخين بسبب حقنهما بغاز الهيليوم، أما الملابس فتحمل جميع ألوان «الماكينتوش».
ويشترط بالموضة أن تكون الملابس ضيقة مع وجود حزام ناسف، أقصد عريض، من أجل اتباع ارشادات الأمن والسلامة، وبالأسفل «الستريج» فهو يخفي أرجل «النعامة» أو أرجل «الخرتيت» على حسب الوزن، ولا ننسى الكعب حاد الزاوية، وكأنه رأس برج التحرير مقلوبا. ويجب أن يحتوي الحجاب على «الشواروفسكي» فقد أصبح من مظاهر التراث الأصيل، وحقيبة اليد ضخمة كحقائب السفر.
وقد نلاحظ أن هذه الفتاة تعمل بجد وإخلاص كأنها خلقت للعمل، لكنها تفعل ذلك حتى تتحرك أمام الجميع، فيتمكن الآخرون من رؤيتها جيدا.
وبعد أن ينتهي الدوام ولم يتقدم إليها أحد، تعود إلى المنزل غاضبة، لا بل تحول طريقها إلى الصالون فورا. وفي الصالون تطلب من الموظفة أن تعد لها برنامج عروس كامل، وتعطيها نصف الراتب على أمل بلوغ اليوم الموعود، الذي تسترجع فيه أموالها وكرامتها التي هدرت!
وبعد أن تنتهي من الكاراج، أقصد الصالون، تذهب إلى أكبر مول بالكويت، وبالطبع مع مجموعة من العوانس اللاتي يردن اتخاذ موقف حازم من العنوسة وحل المسألة بقوة السلاح، أقصد بقلة الحياء.
وبعد ممارسة جميع أنواع التنزه البريء في المولات من دون جدوى حقيقية تبلغها غايتها ومناها، ترتمي على أرض المول وتبكي و«تولول»، فيأتي شاب طيب ووسيم فيقول لها: أي خدمة اختي؟ فتقول له وهي تبكي وتنوح: تزوجنييييييييييييييييييييييي.
وهنا«يقهقه» الشاب ويقول لها: أنا أتزوج «إيليان» (أي مخلوق فضائي)؟
وعندها تصرخ الفتاة صرخة مدوية يهتز لها المول اهتزازة تصل إلى الدرجة السابعة على مقياس ريختر، وتبرز لها أنياب دراكولا، ومخالب الساحرة بلير، وشعر المستذئب، وتبيض عيناها، وبابتسامة مخلوق مرعب تجري خلفه لاصطياده، وهنا لا يكون منه إلا أن يختار بين الحياة والموت، فيفكر ويفكر ويفكر، ثم يقرر الفرار بجلده طبعا.
وهنا تصاب الفتاة بحالة من الذهول والانفصال عن الواقع الأليم، لكن لسوء حظها تعود بسرعة إلى وعيها وتلقي نظرة على أظافر يديها فتعرف سبب رفض الشاب لها، وذلك لأن الكوافيرة لم تحسن وضع البديكير والمنكير على أظافرها، فكان ذلك هو بصيص الأمل الذي سيجعلها تتجنب هذا الخطأ الفادح فيما بعد، ومن ثم ستتزوج.
والآن وبعد كل هذا الوهم والهوس، ماذا يمكن أن نقول لهؤلاء اللواتي لا يردن التستر واتقاء الله وانتظار النصيب ممن بيده الرزق، وإنما الكد والتعب من أجل الزواج.. لكن المثل الحكيم يقول «لو تكد كد الوحوش.. غير رزقك ما تحوش».
النسخة المنشورة في جريدة القبس
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=542546&date=20102009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق