عزائي الشديد لكل امرأة رغبت في يوم ما بتعدد الأزواج ! فهو محرم شرعا في ديننا الإسلامي ، ولكننا نسمع قصصا كثيرة عن نساء يعاصرن معاناة حقيقية مع أزواجهن . فمن تتزوج بمن يكبرها كثيرا فهي تعيسة حقا ، لأنها كمن تعيش أجمل لحظات عمرها مع جدها ، ومن تتزوج بمن يصغرها بكثير فهي معرضة لخيانته أو لزواجه عليها سواء عاجلا أم آجلا . ومن تتزوج بمن في مثل سنها فهي في خوف دائم على مصيرها المجهول معه ، والذي سيتحدد بعد عدة سنوات تكون خلالها قد كبرت في عينيه وذبلت أوراقها حتى وإن كانت لا تزال في ريعان شبابها ! حيث يبدأ هو بالبحث عن الأصغر سنا متناسيا بأنه أيضا قد كبر وأوشك على أن يصبح "جدو" ! إن إصابة الزوج بمرض مزمن لن تبيح للمرأة أن تتزوج عليه ، وكثرة أسفار الزوج وانشغاله لأشهر طويلة عن زوجته لن يبيح لها الزواج عليه ، ودوام معاملته القاسية لها وبشاعة ألفاظه معها هما أيضا لن يبيحا لها إمكانية الزواج عليه ، وافتتانها بزميلها في العمل أو قريبها ، وشعورهما بأن معزوفة سحرية تسري بين قلبيهما لن يبيح لها إمكانية الزواج عليه ، وحتى عجزه التام أو دخوله في غيبوبة لن يبيح لها أمرا كهذا .. فما أعظم صبر النساء على أزواجهن ، فلم أر في حياتي أشد نكرانا للجميل من رجل يتزوج على امرأته دون سبب جلي ، كمرض دائم يصيبها بالعجز التام ، أو مرض عقلي يلم بها بحيث تكون غير مؤهلة لتحمل أي مسئولية .. ولكن المؤلم حقيقة أن نرى نساء صابرات قد تحملن قسوة الحياة ومرارتها ، فهن ولسنوات طويلة يسندن ظهور "أشباه الرجال" الذين ما أن جرت الأموال في أيديهم ، أو دب العشق الكاذب "المؤقت" في قلوبهم المتجمدة ، أو حثهم رفقاء سوء على الاستمتاع بامرأة أخرى ذات مواصفات أخرى . حتى سارعوا لنكران سنوات العشرة الحلوة والمرة ، وقاموا بهدم العش الذي لا يمكن بناءه في وقت أقل مما مضى ، لاهثين وراء متع وشهوات وقتية لن تعجز الزوجة الأولى عن تحقيقها لو كان لهم عقل واع .. لكنهم في النهاية لن يحصدوا إلا الخسارة .. فالعش الذي بني لسنوات طويلة سيهدم ، وإن ما كان بين الزوج وزوجته من مشاعر أمر لن يعود مهما ندم الزوج وحاول الإصلاح ، فتخيل يا رجل بأن "تعدد الأزواج" أمر مباح .. وأنك كنت تعيش في أمان واطمئنان مع زوجتك التي كثيرا ما كنت تساندها خلال مشوار حياتكما الطويل ، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن تستبدلك بزميلها في العمل ، وهو شاب وسيم ويصغرك سنا ، وقامت بالفعل بالزواج به متجاهلة شعورك بالأسى والصدمة والاكتئاب . فهل بالإمكان أن تسامحها وأن تغفر لها استبدالها الرخيص لك ! إن الأصل في الخليقة هو زوج وزوجة ، آدم وحواء -عليهما السلام- ، فلم يخلق الله لآدم أربعة نساء .. ولكن ديننا العظيم قد أباح التعدد في مواضع خاصة وضرورية للغاية ، وأخبرنا بمحاذيره التي تقشعر لها الأبدان .. فهو برمته أمر لا يهدف إلى تحقيق متعة ، بل يهدف إلى تحقيق حاجة أساسية لا يمكن تحقيقها إلا به . فكم من رجل يرتدي لباس الدين والتقوى لأنه يظن بأن الإسلام قد أباح التعدد لإشباع نزواته التي لا تنتهي ! ولو تعلمنا ديننا الصحيح وسيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لبلغنا العلم بأن لزواجه من نسائه رضوان الله عليهن أغراض دينية حقيقية تختلف تماما عن أغراض المهووسين بالمرأة ، الذين لو شغلوا عقولهم بأمور ذات جدوى ، لربما استيقظنا من سباتنا المعيشي والتقني . ونصيحتي لكل امرأة بأن لا تقبل ب "التعدد الاستمتاعي" .. وأن تجنب نفسها الكثير من الألم النفسي بالاستغناء .. فإذا كانت شريحة من الرجال قد أباحت لنفسها هدم البيوت والمشاعر بالتعدد لغير حاجة ماسة ، فلتبيح المرأة لنفسها فرصة الزواج للمرة الثانية والثالثة والعاشرة .. ليس المهم فقط أن تعيش مع شريك حياة . وإنما المهم أن تعيش مع شريك يحترمك ، ويقدر مشاعرك ذلك التقدير الذي يتمناه لنفسه . ويبقى لدينا سؤال أخير موجه لكل رجل في العالم .. لو كان تعدد الأزواج مباح شرعا .. فهل كنت تفضل أن تكون الأول أم الثاني ؟ ولو خيرت بين أن تتزوج عليك امرأتك وبين مقاتلة وحش البحيرة –والذي تتحدث عنه الأساطير- فأيهما ستختار ؟؟؟
منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=3748
منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=3748
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق