إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 20 نوفمبر 2011

ماذا سأفعل لو .. حكمت العالم !





كثيرا ما راودتني فكرة إصلاح العالم وذلك منذ صغري –وهل العالم  تلفاز محطم أو كأس مكسور مثلا-  لعل هذا يدل على شخصيتي القيادية ، حقيقة لا أعرف ، ولكنني أحب التفكير في المستقبل كثيرا ، وأحب أن أحسب حساب الكثير من الأمور لدرجة تثير دهشة البعض وسخرية البعض الآخر ، فالبعض يحب أن يخطط لحياته ويعتبر ذلك نجاحا ودهاء ، أما البعض الآخر فهم من النوع الذي لا يحب أن يضيع جهده في شيء غير مضمون ، فالعمر غير مضمون وسائر العوامل التي من الممكن أن تدمر الخطط المستقبلية هي عوامل غير مضمونة أيضا ! المهم ، وأثناء ممارستي لرياضتي المفضلة وهي المشي ، ويا حبذا لو كان المكان يطل على طبيعة خلابة أو بحر .. بدأت أغوص في أعماق هذه الفكرة ، وسألت نفسي بحزم : ما الذي سأفعله لو حكمت العالم بأسره .. أي أن تصبح لدي سلطة بشرية مطلقة على الآخرين .. فهل أنا من النوع الذي إذا أعطيت سلطة وقوة بدأت بممارسات وحشية ضد الضعفاء ؟ أم أنني من النوع الساكن الذي يعتبر وجوده مثل عدمه ؟ أم أنني ذلك النوع الذي يسعى للتطوير الشامل والإصلاح مع وافر من الحس الإنساني والرحمة ؟ فلا تنسوا أن الإصلاح الحقيقي "الصادق" لا يجتمع مع القمع والقسوة . المهم .. سأبدأ بسرد استراتيجياتي الرئيسية التي سأعتمد عليها في إصلاح هذا العالم ، وهو أمر من المستحيل أن يتحقق ولكن لا ضير من ذكر تلك الإستراتيجيات .. أولا : سأقوم بإلغاء خريطة العالم القبيحة التي تقوم بتقسيم الدول بطريقة عشوائية مملة ، وحيث أن العالم بأسره سيكون دولة واحدة ولكنها مقسمة إلى مناطق متساوية في المساحات تماما . ثانيا : لكل مساحة أو بقعة حاكم ، يتم انتخابه من بين الذين يرشحون أسماءهم عن طريق القرعة ، وله الحق في أن يحكم  لمدة سنة فقط ، ويجوز  للرعية محاكمته وإنهاء حكمه قبل إتمام السنة فقط في حالة قيامه بعمليات إجرامية "أي مؤذية جسديا" تخص أفرادا أو جماعات ، على أن يتم حينها انتخاب شخص آخر ليقوم بحكم هذه البقعة لمدة سنة فقط ، ولا يجوز للحاكم التجديد إلا إذا ظهر اسمه بالقرعة لمرة أخرى في صدفة شبه مستحيلة . ثالثا : سأقوم بوضع قانون الحبس –لمدة معينة طبعا- لكل شخص يهاجم أو يحارب أو يهين أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى ، والمسموح هنا فقط الحوار الهادف والكلام المنطقي المدعم بالأدلة والحجج والبراهين ، على أن تنتهي الحوارات دائما بشكل سلمي بالرغم من شدة الاختلاف وعدم الوصول إلى أي اتفاق ، فالهدف من التحاور هو إبراز المعلومات والأفكار وليس الإقناع الحتمي ! رابعا : سأقوم بإلغاء السيارات والدراجات النارية جميعها ، وستكون وسائل النقل جماعية أي "قطارات وطائرات وبواخر وما شابه" ، والهدف من ذلك هو التقليل من الحوادث المميتة التي تكثر في تلك الوسائل الفردية من ناحية ، والتقليل من مشاكل الزحام والتلوث وسوء استغلال الطبيعة والبيئة من ناحية أخرى ، فباستثناء القطارات ووسائل النقل المشابهة ، فإننا سننعم بأراض خضراء مزروعة تمتع الأبصار وتدعمنا بالأكسجين وتمنحنا الشعور بطعم الحياة الحقيقي . خامسا : سأمنع أي امرأة من أن تظهر في العلن عارية ومتبرجة ، بل سيكون على جميع النساء دون تفرقة أن يلبسن ملابس فضفاضة وساترة حيث أنها ستكون ملابس لا تظهر ولا تشف ، فلن يظهر من المرأة إلا وجهها وكفيها ، أما الوجوه فستكون على طبيعتها تماما وستكون حتما أقرب للأنفس وللطبيعة من كونها مبهرجة . والسبب هنا هو فرض احترام المرأة لمشاعر الرجل وعدم التلاعب بها ، ودرءا للفتن التي تلي ظهور المرأة سافرة -بكل تأكيد- والتي منها تعريض الرجال للخيانة ، وللعزوف عن الزواج ، وللتشتت الذهني المستمر . وقد تحدث ديننا الإسلامي العظيم عن فتنة المرأة للرجل ، ولم يقصر علماء الغرب في استيضاح تلك الحقائق مؤخرا بعد دراسات متعمقة ، لكن الأمر بديهي لم يكن بحاجة إلى دراسة تأثيراته المجتمعية الخطيرة والكاسحة . سادسا : لن يكون هناك عري على شاشات التلفاز أو وسائل الإعلام إطلاقا ، لأننا نتحدث عن قوانين يفرضها حاكم واحد بحيث تسري على جميع الدويلات أو البلدان ، وستكون هنالك عقوبات صارمة للمخالفين . سابعا : لن يكون هنالك أية دبابات أو طائرات حربية أو قنابل أو مسدسات أو حتى سيوف ، وسيحظر تصنيع أبسط الأسلحة ، فإذا ما حدثت مشادة بين الناس فلن يجدوا ما سيستخدمونه في العراك سوى سكاكين الطهي أو أرقى الأحذية إن استحبوا ذلك إلى أن تأتيهم الشرطة وتفض النزاع . ثامنا : لن تجدوا أي نوع من الخمور أو المخدرات ، ولا حتى السجائر والشيش ، ولا أظنكم تجهلون الأسباب ! تاسعا : لن يكون هنالك إمكانية لإقامة أي علاقة غير شرعية ، فالعقوبات صارمة ، والرقابة شديدة وغير مسبوقة بشكل يجعل من إقامة مثل هذه العلاقات عملية شبه مستحيلة ، مع وضع قوانين حازمة لتيسير فرص الزواج وإبادة لمصطلح "غلاء المهور" . عاشرا : سيكون النظام الديني السائد هو النظام الإسلامي ، مع إمكانية احتفاظ كل فرد بديانته الخاصة وإقامة شعائره الدينية ضمن إطار عدم المجاهرة بشيء ينهى ديننا الإسلامي عن المجاهرة به ، مثل الإفطار العلني في نهار رمضان .
وبالرغم من أنني لم أنهي جميع النقاط ولكن النقاط التي ذكرتها هي من أبرزها ، وفي الحقيقة لا رغبة لدي في حكم العالم لمجرد تحقيق السيادة على الآخرين ، ولكني في الحقيقة أرغب ومن كل قلبي بأن يقوم رجل ما بحكم العالم بأسره وتطبيق ما تناولته من نقاط ، وأن أكون أحد الرعية التي تتبع هذا النظام ، فليس هنالك نظام أفضل من نظامنا الإسلامي الذي تم تشويه صورته بشدة بين من يجهلون حقيقته من خلال الجماعات الإرهابية التافهة ، أو المخططات الإسرائيلية التي تعمد إلى استخدام أشخاصا يدعون الإسلام ويقومون بأعمال لا يمكن وصفها بأقل من شنيعة ، وذلك لينظر العالم إلى المسلمين باحتقار وكراهية !  ولكن الإسلام أعظم من أن يرتبط بشكل أو بآخر بتلك الجماعات الضالة والمتخلفة .
وفي الختام ونظرا لاستحالة تطبيق مثل هذه الخطط الخيالية الرائعة ، فالأجدر بي أن أصفع نفسي لأستيقظ من هذا الحلم الجميل ، وأعود لعالم الواقع مرة أخرى ، حيث نجد العري والخيانات والحروب والثورات والفساد والمخدرات في كل مكان . ويكفينا أن يحلم كل منا حلمه الخاص لبضعة دقائق فحسب ، فمن الغبي الذي سيضيع عمره بالأحلام !

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4367
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4507

السبت، 19 نوفمبر 2011

طفولة السفاحين ..!





لكل منا مرحلة طفولة ذهبت ولن تعود ، وبالرغم من استحالة عودتها مجددا إلا أنها تركت في أنفسنا أبلغ أثر ، وختمت على أدمغتنا بنظام محدد لأسلوب التعامل مع كل ما يحيط بنا ، فلا يمكن أن تكون طفولة السفاح الذي يتعامل مع الآخرين بلغة الدم مليئة بالسكينة والموعظة والوعي .  فهذا النمط المهيأ لارتكاب الجرائم البشعة لابد وأنه مر في طفولته بما هشم جميع مفاهيم المحبة والعدالة والإيثار في نفسه .. بل لابد أن يكون هنالك ثمة ما زرع في قلبه الدافع نحو طريق ارتكاب الجرائم بحق الآخرين دون أي مقدار يذكر من مشاعر الندم أو الحزن والاكتئاب ! .. وبالرغم من أن الأمور التي يتعرض لها الطفل خارجة عن سيطرته وتقوم بإرغامه على معايشتها ، إلا أن الطفل حين يكبر ويصبح واعيا لحقائق الأمور فإنه قد أصبح مكلف بتغيير نفسه والتجرد من جميع خبراته السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية !! إن هذا الكلام سهل وتفاؤلي إلى حد كبير ، ولكن الواقع يقول غير ذلك . فمن أصعب الأمور أن تأتي بشخص قد تعلم في طفولته دروسا من قبل المحيطين به بفنون ومهارات السرقة ، وقام فعليا بمزاولة هذه المهنه حتى اعتاد عليها ، ثم ها هو نفس الإنسان وقد كبر وأصبح رجلا شريفا ومحترما وبعيدا عن استسهال السرقة أو الميل إليها ! وقد ذكر في الأمثال أن "من شب على شيء شاب عليه" مع قليل من المبالغة واليأس .. ولعله ليس من الضروري أن تنقل ما عايشته في مرحلة شبابك إلى المراحل الأخرى التي تليها ، ولكنني أتحدث عن دور الطفولة في صقل الأخلاق والإستراتيجيات الخاصة في التعامل مع المحيطين ومع المشكلات والضغوط ، فالطفولة تبرمج أساليب تفاعلنا مع البيئة وما تحتويه من أشياء وأشخاص تماما كما يحدث مع الحاسوب ، فهو مبرمج على أساسيات لا يمكنه أن يعمل من دونها أأ. ومن هنا جاءت أهمية التربية على الدين والأخلاق الحميدة كوقاية لمجتمع كامل من الضياع . فكيف يمكن أن نحيي في أبناءنا حب الخير و الأخلاقيات الإسلامية الحميدة ، وننفرهم من الأنانية والحقد والكذب والبخل والجبن والطمع وسائر الصفات الذميمة .. كيف نقوم بدور فاعل وأن لا نمسي مقصرين بحقهم ، وأن نؤدي أمانتنا كآباء بأفضل صورة ممكنة ، فلو كان الإنسان يولد ومعه بذرة محددة للخير أو الشر لما أوصانا ديننا الحنيف بأن نحسن تربية أبناءنا ، وأن نهتم بتعليمهم الدين والأخلاق منذ نعومة إظفارهم .. وأن لا نعتبرهم كالحيوانات الأليفة التي نقوم بتربيتها عن طريق إطعامها وتوفير المكان المناسب لها حتى نستأنس بها فحسب ! بل يجب أن نعتبر أبناؤنا أمانة في رقابنا ، وأن نغرس فيهم مفاتيح الخير والاستقامة والصلاح .. وأن نعلمهم كل صفة من الممكن أن يتحلى بها إنسان صالح فيصبح كالألماس ، ذو قيمة وأهمية بحد ذاته .. وأن ننفرهم من كل صفة من الممكن أن تقلل من شأن الإنسان وتجعله وضيعا مذموما وقبيح الجوهر .. ولعلنا إن أخلصنا النية بهذا العمل لله سبحانه وتعالى ، أن يبارك لنا في ذرياتنا ، وأن يجعلهم لنا قرة أعين .. ولربما لم أتمكن من الحديث عن مسببات "التشرد النفسي الطفولي" وذلك لأنها كثيرة ومن الصعب حصرها . ولكن كل أبوين باستطاعتهما التمييز بين ما يسمى "عناية" وبين ما هو "إهمال" ، ومن خلال الحرص على الاعتناء بكل ما يختص بشئون فلذات أكبادنا والحرص من جانب آخر على تجنب إهمال تلك الشئون ، سنجد أننا حققنا انجازا عظيما في صنع إنسان سوي هو في حد ذاته ثروة لا تقدر بثمن ، ويجب أن تشمل العناية بالأطفال كل من الجانب الصحي والنفسي والديني والتعليمي والاجتماعي والأسري .. فالأبناء أمانة في رقابنا حتى نموت ، ولا شيء يستطيع أن يكفر ذنب إهمالهم أو إساءة تربيتهم ومعاملتهم .. فأبناؤنا هم أكبادنا التي تمشي على الأرض ، لا بل هم أجمل وأغلى وأثمن من ذلك بكثير .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4092

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

بماذا أفكر ؟!




عندما نعيش في هذه الحياة لسنوات طويلة فإننا نتعلم الكثير من الأمور  ، ولكن بعض الخبرات القيمة يرفض الغالبية تعلمها ،  فالجميع يتعلمون منذ طفولتهم الأكل والشرب واللعب وإقامة العلاقات الاجتماعية ، وبعد ذلك هم على استعداد لتعلم الحقائق العلمية ، وبعد سنوات أخرى قد يتعلمون الكثير من الأمور النفسية كالحب والتفاؤل والسعادة إضافة إلى القلق والإحباط واليأس .. إذا ما الذي ينقصهم تعلمه ! لعل قمة الجهل في الإنسان تكمن في الغفلة والنسيان .. فقد أنسته الحياة أن يتفكر في ذاته ، ليته يستطيع –لبعض الوقت- أن يتجرد منها ، فلينظر إلى جسده الفاني من أين أتى ، وما ماهيته الأصلية ، وكيف صنعت وتآلفت جميع مكوناته بكل تفاصيلها الدقيقة ، بل وكيف تجري جميع العمليات الحيوية فيه ! لماذا جاء .. وإلى أين سيعود .. وكيف هي طريقة محاسبته على ما اقترفه في حياته من ظلم للآخرين ، وما هو جزاؤه على أعمال الخير التي قام بها .. وكيف له مشاعر وقلب متقلب فقد يحبك أول النهار ويمسي وهو يكرهك .. فلديه كم هائل من المشاعر الغامضة والمتناقضة ، ولديه عقل يفكر ويدبر ويخطط ويحسب ويرصد ..  يسأل نفسه أحيانا إن كان على حق أو باطل .. يحتار في الآخرين ان كان يحبهم أو يكرههم ، رب كلمة أو همسة أو لمسة قادرة على تغيير مسار حياته المتبقية ، يخشى الموت ، وهو مجرد ضيف على الحياة .. فإن قالوا لك انه مجرد صدفة فقل وهل تتشكل الصدف بهذه الدقة ، وإن قالوا لك تناسخ أرواح فقل لهم وكيف بدأ هذا التناسخ ! .. إنما الحقيقة تكمن في إجابة واحدة هي التي ستريح عقولنا وقلوبنا وضمائرنا ، وهي ما ينقصنا تعلمه .. أن هنالك خالق واحد هو "الله" سبحانه وتعالى .. خلقنا لغاية وسنعود إليه بعد وقت قصير نسبيا ، هذا الرب والإله له كل المملك والعزة والقدرة ، فان كنت تظن بأنك ثري وصاحب ملك فإنك تعيش في ملكه سبحانه ، وان كنت تظن بأنك عزيز نفس فانه سيذلك متى شاء ، وأما إن كنت تظن بان لك قدرات هائلة فإنما أنت كمن يحمل مصباحا ليضاهي به الشمس التي خلقها الله ! إن الجمال لله وحده وكل عبد مهما كان جماله فهو قبيح عند مقارنته بجمال الله سبحانه وتعالى ، فما بالك لو تعمد عصيانه فما أقبحه ؟! فإذا سئلت عن دين هذا الخالق فدينه الإسلام ، دين يطلب من العبد الاستسلام لأوامر خالقه دون استعلاء وكبر ، فمن حق الخالق على المخلوق أن يستسلم له –طوعا أو كرها- وأن يبجله .. فهو بكل ذرة فيه ملك له . ولعل من يتفكر في هذه الحقائق الجلية ويعمل بها أن ينال رضا الله -سبحانه وتعالى- عنه ، وان يفوز بما خسره أغلب الناس .. وهو النعيم في الدارين الدنيا والآخرة .. وهذا من أعظم ما ينقصنا أن نتفكر فيه .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

إيد بالبيت .. وإيد بالدوام !


 

في جميع ميادين الحياة يمكننا قياس درجة التطور والرقي ، فالتطور ليس فقط ببناء منزل الكتروني ، أو باختراع سيارة تسير عن طريق التخاطر، أو بسلة مهملات تلحق بك -أينما تذهب- حتى لا ترمي القاذورات على الأرض ! وإنما التطور يشمل جميع نظم الحياة البشرية ، فأسلوب التعامل مع الأشياء والأشخاص والقيم والنظم هو المقدمة الحقيقية لبناء حضارة متطورة في شتى المجالات بما فيها المجال التكنولوجي العظيم . ويمكننا أن نقول بأن التطور هو إحداث تغيير إيجابي ومرغوب يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التغييرات المشابهة . أما عن نوع التطوير الذي أرغب بالحديث عنه فهو الخاص بساعات العمل الرسمية في القطاعات الحكومية . ولربما كان من الصعب تحقيق ذلك ولكنني أظن بأن هذا التغيير سيحدث نقلة هائلة للمجتمع على كل من المستوى الوظيفي و الأسري والاجتماعي ، إن ساعات العمل الرسمية "الست" لم تعد تواكب هذه الحقبة الزمنية وخصوصا بالنسبة للمرأة . فالمرأة نصف المجتمع ولا يجب أن تهمش وظيفيا ، وبنفس الوقت لا يمكن أن تحمّل فوق طاقتها لمجرد مساواتها مع الرجل ! فالرجل لا تقع على عاتقه مسئوليات المرأة الفطرية نحو أبنائها منذ لحظة تخلقهم ، وما تعانيه حينها من عثيان وآلام وإرهاق وأرق حتى لحظة ولادتهم فتنتقل مع تلك اللحظة إلى حقبة جديدة من الجهد الجبار والمتواصل ، بيد أنها نفس الإنسان المفوض بكافة أعمال المنزل من ترتيب وتنظيف وطهي وإشراف كلي على كافة الشئون المنزلية ! هذا هو واقع الحال –مع الأسف الشديد- في أغلب البيوت . وبالرغم من وجود الخدم فلا يمكن إبعاد المرأة عن ميدانها الحقيقي لتبقى غائبة عنه لستة ساعات متواصلة حيث يكون الإشراف الرئيسي للخادمة وهذا أمر سيء للغاية . إن اقتراحي الذي سأذكره سيستمر بالمساواة بين الرجل والمرأة ولكن في إطار أكثر مرونة ، وهذه المرونة هي معيار التطور الفكري عند المجتمعات وهي الحالة المعاكسة للتصلب الفكري . فلو قسمنا ساعات العمل اليومية إلى فترتين ، وكل فترة تحتوي على أربعة ساعات متواصلة ،  الفترة الأولى من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية عشر ظهرا ، والفترة الثانية من الساعة الثانية عشر ظهرا وحتى الساعة الرابعة عصرا ، ولكل شخص أن يختار -عن طريق عقد العمل- إن كان يريد العمل في الفترة الأولى أم الثانية أم لفترتين متتاليتين فيكون له ضعف راتب من يعمل لفترة واحدة  . هنالك الكثير من الفئات التي لا تستطيع العمل لمدة ستة ساعات متواصلة كالمرضى وبعض المعاقين والحوامل ومن يتكبدون مسئوليات شاقة كرعاية ذويهم من المسنين أو أطفالهم الرضع ، والكثير من الظروف والأحوال القاهرة التي قهرتها الساعات الستة المتواصلة وأرغمتها على التكيف معها . إن هذا الاقتراح سيعيد إلى الكثيرين الشعور بحب العمل والرغبة في الإنجاز ، وسيقلل من البطالة بشكل كبير ، فالوظائف ستنقسم إلى فترتين وسيزداد عدد فرص التوظيف ، وستتمكن النساء من الاهتمام بصغارهن وإعداد الطعام بأنفسهن لأزواج "يئسوا" من طبخ الخادمة ، وسيعم الانشراح النفسي في أجواء المنزل من ناحية والعمل من ناحية أخرى بدلا من الوجوه الكئيبة الشاحبة التي "تطلطل" على الساعة كل خمسة دقائق منتظرة لحظة انتهاء الدوام الرسمي أو "الهده" كما كنا نشعر عند انتهاء الدوام المدرسي فنتدافع نحو بوابة المدرسة كالهاربين من فم الموت ! ناهيك عن أن الكثير من الوظائف الرسمية لا تحتاج إلى ستة ساعات من العمل فغالبا تكون الثلاث ساعات الأخيرة مخصصة ل "السوالف" و"الجيمز" أو أي أسلوب يمكنه قتل الوقت الذي يمر على الموظف كحد السيف على الرقبة . ويمكن أن يطبق النظام نفسه على المدارس حسب المراحل الدراسية أو حسب جدول الحصص الأسبوعي . قد يبدو التغيير في بدايته شاق ومكلف من حيث الوقت والمجهود .. ولكنه في النهاية سيأتي بثمار طيبة تعود على الجميع . فلا يوجد تطوير من غير جهد ، ولنسابق الحضارات أولا في تحقيق أعلى مستويات التوازن والانسجام المعيشي ولندع التفكير ببناء الناطحات وصنع الصواريخ خطوة تالية .

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :

الخميس، 10 نوفمبر 2011

تعدد الأزواج أم وحش البحيرة ؟





عزائي الشديد لكل امرأة رغبت في يوم ما بتعدد الأزواج ! فهو محرم شرعا في ديننا الإسلامي ، ولكننا نسمع قصصا كثيرة عن نساء يعاصرن معاناة حقيقية مع أزواجهن . فمن تتزوج بمن يكبرها كثيرا فهي تعيسة حقا ، لأنها كمن تعيش أجمل لحظات عمرها مع جدها ، ومن تتزوج بمن يصغرها بكثير فهي معرضة لخيانته أو لزواجه عليها سواء عاجلا أم آجلا . ومن تتزوج بمن في مثل سنها فهي في خوف دائم على مصيرها المجهول معه ، والذي سيتحدد بعد عدة سنوات تكون خلالها قد كبرت في عينيه وذبلت أوراقها حتى وإن كانت لا تزال في ريعان شبابها ! حيث يبدأ هو بالبحث عن الأصغر سنا متناسيا بأنه أيضا قد كبر وأوشك على أن يصبح "جدو" ! إن إصابة الزوج بمرض مزمن لن تبيح للمرأة أن تتزوج عليه ، وكثرة أسفار الزوج وانشغاله لأشهر طويلة عن زوجته لن يبيح لها الزواج عليه ، ودوام معاملته القاسية لها وبشاعة ألفاظه معها هما أيضا لن يبيحا لها إمكانية الزواج عليه ، وافتتانها بزميلها في العمل أو قريبها ، وشعورهما بأن معزوفة سحرية تسري بين قلبيهما لن يبيح لها إمكانية الزواج عليه ، وحتى عجزه التام أو دخوله في غيبوبة لن يبيح لها أمرا كهذا .. فما أعظم صبر النساء على أزواجهن ، فلم أر في حياتي أشد نكرانا للجميل من رجل يتزوج على امرأته دون سبب جلي ، كمرض دائم يصيبها بالعجز التام ، أو مرض عقلي يلم بها بحيث تكون غير مؤهلة لتحمل أي مسئولية .. ولكن المؤلم حقيقة أن نرى نساء صابرات قد تحملن قسوة الحياة ومرارتها ، فهن ولسنوات طويلة يسندن ظهور "أشباه الرجال" الذين ما أن جرت  الأموال في أيديهم ، أو دب العشق الكاذب "المؤقت"  في قلوبهم المتجمدة ، أو حثهم رفقاء سوء على الاستمتاع بامرأة أخرى ذات مواصفات أخرى . حتى سارعوا لنكران سنوات العشرة الحلوة والمرة ، وقاموا بهدم العش الذي لا يمكن بناءه في وقت أقل مما مضى ، لاهثين وراء متع وشهوات وقتية لن تعجز الزوجة الأولى عن تحقيقها لو كان لهم عقل واع .. لكنهم في النهاية لن يحصدوا إلا الخسارة .. فالعش الذي بني لسنوات طويلة سيهدم ، وإن ما كان بين الزوج وزوجته من مشاعر أمر لن يعود مهما ندم الزوج وحاول الإصلاح ، فتخيل يا رجل بأن "تعدد الأزواج"  أمر مباح .. وأنك كنت تعيش في أمان واطمئنان مع زوجتك التي كثيرا ما كنت تساندها خلال مشوار حياتكما الطويل ، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن تستبدلك بزميلها في العمل ، وهو شاب وسيم ويصغرك سنا ، وقامت بالفعل بالزواج به متجاهلة شعورك بالأسى والصدمة والاكتئاب . فهل بالإمكان أن تسامحها وأن تغفر لها استبدالها الرخيص لك ! إن الأصل في الخليقة هو زوج وزوجة ، آدم وحواء -عليهما السلام- ، فلم يخلق الله لآدم أربعة نساء .. ولكن ديننا العظيم قد أباح التعدد في مواضع خاصة وضرورية للغاية ، وأخبرنا بمحاذيره التي تقشعر لها الأبدان .. فهو برمته أمر لا يهدف إلى تحقيق متعة ، بل يهدف إلى تحقيق حاجة أساسية لا يمكن تحقيقها إلا به . فكم من رجل يرتدي لباس الدين والتقوى لأنه يظن بأن الإسلام قد أباح التعدد لإشباع نزواته التي لا تنتهي ! ولو تعلمنا ديننا الصحيح وسيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لبلغنا العلم بأن لزواجه من نسائه رضوان الله عليهن أغراض دينية حقيقية تختلف تماما عن أغراض المهووسين بالمرأة ، الذين لو شغلوا عقولهم بأمور ذات جدوى ، لربما استيقظنا من سباتنا  المعيشي والتقني . ونصيحتي لكل امرأة بأن لا تقبل ب "التعدد الاستمتاعي" .. وأن تجنب نفسها الكثير من الألم النفسي بالاستغناء .. فإذا كانت شريحة من الرجال قد أباحت لنفسها هدم البيوت والمشاعر بالتعدد لغير حاجة ماسة  ، فلتبيح المرأة لنفسها فرصة الزواج للمرة الثانية والثالثة والعاشرة .. ليس المهم فقط أن تعيش مع شريك حياة . وإنما المهم أن تعيش مع شريك يحترمك ، ويقدر مشاعرك ذلك التقدير الذي يتمناه لنفسه . ويبقى لدينا سؤال أخير موجه لكل رجل في العالم .. لو كان تعدد الأزواج مباح شرعا .. فهل كنت تفضل أن تكون الأول أم الثاني ؟ ولو خيرت بين أن تتزوج عليك امرأتك وبين مقاتلة وحش البحيرة –والذي تتحدث عنه الأساطير- فأيهما ستختار ؟؟؟

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=3748

خذ من حياة المشاهير .. عبرة !




أمر غريب.. ماذا فعلت بنا هذه العولمة .. فإن لم تكن هي المسيخ الدجال إذا فهي زوجته! فبالرغم من مميزاتها العظيمة إلا أنها قامت بشل عقولنا الحرة، فجميعنا يحاول ـ لا شعوريا- أن ينضم إلى الطابور نفسه! طابور الفكر والسلوك، فكأننا صرنا نخشى التمايز والاختلاف، الجميع قد انضم للصف إلا فئة واحدة، هي فئة الذين «يخشون الله سبحانه وتعالى»، فهي الفئة الوحيدة التي قامت بعزل نفسها جزئيا عن تيار النهر الجاري باتجاه الاسترضاء والمسايرة والتقليد.. تقليد من؟.. تقليد الثقافات الأخرى بما يتنافى مع الدين والأخلاق والأدب والذوق العام! إذاً لماذا نقوم بتقليد ما يتنافى مع هذا كله «الدين والأخلاق والأدب والذوق العام»!!! .. لأن العقل صار فارغا من محتواه الفطري أقصد الفكري، ومحشوا بفضلات العولمة «عزكم الله».. فما هي فضلات العولمة؟ إنها الثقافة الفنية.. وإبداعات أهل الفن ـ كما أطلقوا على أنفسهم- فلماذا لم نركز على استيراد الثقافة الطبية والصحية من خلال العولمة؟ ولماذا لم نستورد الثقافة العلمية والتقنية؟ هجرنا جميع مميزات تلك الثقافات وأخذنا أيسرها وأرخصها وأسفلها.. الثقافة الفنية.. والمنتوج المفرغ من محتواه وفوائده. وأدمنا تتبع خطوط الموضة ـ كما يسمونها- وآخر الأفلام والمسلسلات، وأخبار المشاهير، وماذا أيضا؟! عاداتهم وتقاليدهم وسلوكياتهم المنحلة. فمهما كان عدد المسلمون الذين يدخنون أو يشربون الخمر أو يتعاطون المخدرات أو يرتكبون الزنى -والعياذ بالله- أو يقومون بجرائم القتل وغيرها، فلا يمكن أن نصف تلك الممارسات بالإسلامية! فالإسلام يحرم هذه الأمور وينهى عنها بشدة. إنما هي «منتوجات» أجنبية بالأصل، تخص ثقافات تستحلها لنفسها ولا تحرمها، وقد روجت إلينا من خلال الإعلام والسياحة. وها نحن اليوم نقدس السياحة في تلك البلدان، ونحرص على تتبع جميع الأعمال والأخبار الفنية، وننزلق أكثر في ثقب العولمة الأسود الخاتمة، ثم لا ندري لماذا نعيش في مآس حقيقية!!!
أما البعض منا فمازال يجهل أنه يعيش في مأساة أصلا.. تريدون الحقيقة أم الخديعة؟ تريدون الواقع أم خيالكم الخصب؟! إن الواقع يتكلم ولكنه لا يجد أي مستمعين.. مع الأسف لاحظوا معي حياة المشاهير: فنانة أجنبية مشهورة تعيش مع زوجها المشهور جدا، لمدة لا تقل عن عشر سنوات، تحبه بشدة.. وها قد حانت لحظة الوداع.. فـ «الأخ حاب يغير الستايل».. فقام بتوديعها ليتزوج بالأصغر سنا، والتي هي من وجهة نظره الأجمل والأفضل، وماذا عن صدمتها التي هزت الوسط الفني آن ذاك.. فماذا استفادت من المال والجمال والشهرة إلا صدمة قاضية في الصميم؟ كانت تتربص بها لسنوات دون أن تشعر بدبيبها.. وفنانة أخرى هي أشهر من نار على علم، مال وجمال ـ حسب رأي البعض- وشهرة، وزوجها لا يقل عنها شهرة إطلاقا، فعل الشيء نفسه من أجل افتتانه بالفنانة «خطافة الرجال»، والتي قام بترك شريكة حياته الرسمية ليعيش مع الأخرى حياة البهائم، دون زواج، بل وكرس نفسه لتربية أولادها.. فما هو إلا رجل شهم! أما الزوجة الأولى فقد تعرضت لصدمة ما بعدها صدمة!! فهل هم في نعيم دنيوي كما ندعي أحيانا حين نشعر بالغيرة من حياتهم المليئة بالحريات؟ أم أنهم في جحيم عظيم لا يخفف وطأه إلا بعض المتع الوقتية التي يمارسونها كالأكل والبغاء «أعزكم الله ورفع من شأنكم».. وفنانة أخرى فقدت جنينها الأول بعد طول انتظار له، وأصيبت بانهيار عظيم.. وتدّعون أنهم سعداء! وفنان أجرى محاولة للانتحار بسبب ترك عشيقته له بسبب افتتانها برجل آخر، ولكنه نجا من الموت ولم ينج من الصدمة.. و»لستة» من أسماء المنتحرين والمنتحرات حول العالم من أهل الفن بالرغم من وجود المال والجمال والشهرة! وقد قرأت الكثير من سير حياة الفنانات العربيات لأجيال الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.. الكثير منهن تزوجن لأكثر من ثلاث مرات! ولم يوفقن.. وهذا ينطبق على الرجال الذين تزوجوا منهن أيضا.. وبالطبع لا أستطيع أن أذكر الأسماء الحقيقية لهؤلاء، لأنني لا أحب الخوض في مشاكل مع «أهل الفن»، فهم بالنسبة إلي «لا شيء يذكر» وليسوا أهل فن وليسوا نجوما وليسوا أصحاب مهن أحترمها.. ولكن أريد أن تعتبروا من حياة الفنانين والمشاهير، فبالرغم من توافر جميع النعم المادية التي نظن بأنها أسباب للسعادة، فإنهم في حزن واكتئاب مستمر! طلاقات، خيانات، مخدرات، فضائح، سجن، إجهاض، أمراض، وفي النهاية إفلاس! فعندما «أفل نجمهم» صد الناس عنهم.. فمن لنا غير الله ربنا لنرضيه ونتوسل إليه أن يبارك لنا في حياتنا ويقينا من كل المصائب والشرور؟ لا لا يجب أن يدعي البعض منهم التدين ويلتف به كوشاح، ليقرأ القرآن قبل أن يقدم فقرته الغنائية، أو يرفع يديه بالدعاء إلى رب السماوات والأرض بجلالة قدره بأن يُنجح عمله الفني الجديد.. والمصيبة الأكبر أنه عمل يقدم في شهر رمضان! ألا تستحون من الله مثقال ذرة؟! وهنالك من يقوم بالتبرع للفقراء والمحتاجين بالمبالغ الباهظة حتى يقال: «فلان كريم»، وهو عمل كله نفاق، فالتبرع للفقراء لا يحتاج إلى إعلان، وبدلا من التبرع العلني والدعاء المستنكر والصلاة قبل الرقص! استروا عوراتكم، وامتهنوا مهنة ترضي الله سبحانه وتعالى عنكم، وتوقفوا عن النفاق وتعويض الشعور بالخواء والإحساس بالذنب، بحجة أو صيام أو صدقة تعلنونها في جميع وسائل الإعلام ليعلم الناس كم أنتم صالحون! في الحقيقة يطول الحديث عن أهل الفن والهوى، ولكن الوقت يداهمنا.
ولا يسعنا إلا أن نسأل الله بأن يهدينا للخلاص من داء الفن، وتتبع المرئي والمسموع والمقروء منه.. والتفرغ للحياة الطبيعية الواقعية، والتي لا تسعى إلى تلقيننا الكذب والخيال، وتجمل لنا الحرام وتبرزه بأجمل حلة مغشوشة خادعة، وترغبنا بالقبيح وتنفرنا من الصحيح، وتبيعنا الوهم وتشتري أدمغتنا الفارغة.. وبالله وحده نستعين.

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :

يوميات الآنسة .. "اعتراض" !



استيقظت "لولو" من نومها ، وهي الآن من سيسرد أحداث قصتها بنفسها ..
استيقظت من نومي مرهقة حيث أنني لم أكتفي من النوم بسبب سهري أمام شاشة التلفاز لمتابعة برنامجي المفضل ، ويمكن أن أعبر عن إرهاقي الشديد بكلمة (اعتراض) ! ..
قمت من سريري أترنح وعندما حاولت لبس "نعالي"  قمت بتكرار المحاولة لخمسة مرات حتى ركلتها بعيدا وسرت بغضب غير مبالية ، ولسان حالي يقول (اعتراااض) ! ..
فتحت الثلاجة لشرب حليبي المفضل ولكني لم أجد منه ولا علبة واحدة ، وعندما نظرت إلى طاولة المطبخ وجدت أن آخر علبة قد شربت للتو .. (اعتراض) ! ..
أثناء ارتدائي لثياب العمل انقطع أحد أزرة قميصي فاضطررت لتثبيت "جلاّب" مؤقتا مكان الزر المقطوع ، وشعرت بأن ثوبي سيكون مثار استهزاء زميلات العمل والمراجعين  (اعتراض) .. !
ركبت سيارتي وانطلقت في طريقي إلى العمل ، وبالرغم من أنني قد خرجت قبل موعد العمل بخمسة وأربعون دقيقة إلا أنني وصلت متأخرة ، فأصبت بالإحباط الشديد ، علاوة على "حسن استماعي" لبعض الانتقادات والتوجيهات من مديرتي في العمل ..  (اعتراض) .. !
جلست في مكتبي ، أعمل وأعمل وأعمل أنا وزميلاتي ، وبعد عدة ساعات زارتنا زميلة لا تحبني ولا تطيق رؤيتي ، وبالرغم من ذلك فهي تزورني في مكتبي وتحب إدارة بعض الحوارات معي ، لينتهي الأمر بجدال تافه حول قضية أتفه .. فهل يجوز لي ال (اعتراض) .. !
بعدها انتابتني حالة من الضيق والملل بسبب شدة معاناتي من وقت الفراغ القاتل في مقر العمل ، فقررت أن أتجول بين المكاتب تبعا لنصيحة مسئولتي المباشرة والتي لا تحب أن نحمل أنفسنا فوق طاقتها .. وما أن بدأت جولتي حتى بدأت مسئولتي بالبحث عني كمن أضاعت وليدها .. وعندما سألت جميع طاقم الإدارة عني واستدلت على "إحداثياتي"  بدأت بإغراقي بكلمات اللوم والعتب بسبب تركي لمكتبي في ساعات العمل .. حيث لا يوجد عمل .. (اعترااااض) !
وجهت إليها ابتسامة الحب والمودة أثناء هزي لرأسي كناية عن التأييد والموافقة المطلقة ، عدت إلى مكتبي مع شراب "الشاني" الذي اشتريته للتو ، وما أن جلست في مكتبي ورفعت يدي الحاملة بالشاني لأشرب منه شربة هنيئة مريئة حتى قفزت موظفة أخرى لتجلس في مكتبي وتروي لي تفاصيل ما يدور في أروقة العمل من مؤامرات خفية ومكائد حقيقية .. وبعد استماعي للكثير من مصائب وحيل النساء أو بالأحرى "الأفاعي البشرية" ،  أصبت بالحزن والاكتئاب فعزفت عن شرب الشاني .. وتركته  لمصيره المحتوم في سلة المهملات .. (اعتراض) !

 بعدها اضطررت لأن أقوم بدور "حكيم الجبل" الذي يحاول أن يحلل الأمور ويوجد أروع الحلول .. ولكن الحلول التي كنت أضعها هي مستحيلة التطبيق ، نظرا لصعوبة وتشعب المشكلات التي نواجهها مع الخصوم ، وعندما كنا نشعر باليأس من التغيير فإننا نبدأ بتغيير دفة الحديث ومحاولة إضفاء بعض الأجواء المرحة في العمل حتى لا يتعكر مزاجنا ويبلغ ذروته القصوى .. ولكن جميع محاولاتنا قد لاقت مصير الفشل ، وها نحن من جديد نكرر الحديث حول الأعداء .. متناسين وجوب الانشغال بأمور أكثر أهمية .. (اعتراض) .. !
وبعد أن انتهت ساعات العمل الرسمية  ركبنا سياراتنا لنعود إلى بيوتنا التي أتينا منها ، وفي طريق العودة والشارع في قمة الزحام ، شعرت بنعاس شديد ، وما أن أغلقت عيني حتى بدأت الأحلام تتلاعب بي ، وفجأة ، سمعت صوت رجل يصرخ فإذا به واقف عند نافذة سيارتي يطلب مني المضي في السير بدلا من النوم ! .. (اعترااااض) .. وقليل من الرحمة !
وصلت إلى بيتي أخيرا واستقبلتني أمي بالأحضان ، جريت إلى سريري أريد أن أرتمي فوقه وأنسى جميع الهموم ، ولكن أبي كان يناديني بغضب ، فهو مستاء من ذهابي في الليلة الماضية إلى السوق والتأخر عن الموعد المحدد لما لا يتجاوز العشرة دقائق .. (اعتراااااض) !
لم أجب بتمرد لأن كل ما أفكر فيه هو النوم ، أنهى والدي سلسلة مطالبه وشروطه ، وأنا أجبته بالموافقة طبعا ، ثم انصرفت إلى حجرتي ، واستلقيت على سريري الغالي .. وبالرغم من جوعي الشديد إلا أن النعاس والإرهاق كانا قد تمكنا مني تماما ، فنمت ، وغرقت في النوم ، ومع الأسف استيقظت سريعا بسبب حلمي المفاجئ بأنني أسقط أرضا .. (اعتراض) .. !
قمت متوترة وسرت إلى المطبخ لأتناول طعامي الشهي ، فإذا بالخادمة تخبرني بأن أختي قد تناولته نظرا لأنني –وعلى ما بدا- لم أكن جائعة .. (اعتراض) .. !
عدت إلى سريري في محاولة أخرى للنوم ، ولكن صرصورا كان يسير أمامي على أرض الحجرة ، قفزت من مكاني وجريت لأحظر وسيلتنا المعتمدة للخلاص منه .. ولكنه اختفى ، جلست أبحث عنه لوقت طويل حتى تمكنت منه .. ثم عدت إلى المطبخ لعمل "ساندويتش جبن" ، وبعد أن تناولت الساندويتش على عجالة بسبب شدة نعاسي وإرهاقي ، ذهبت إلى سريري لأنام ، استلقيت على السرير ونمت .. وليتني لم أنم ، فجرس الباب بدأ يدق لألف مرة ، إنه مصلح السخان على ما يبدو .. قلبي سيتوقف من شدة التوتر والتعب (اعترااااض) !
حاولت بعد بضع دقائق بأن أجتهد في العودة إلى النوم ولكن أمي بدأت حينها بطرق باب حجرتي لتخبرني بأن مصلح السخان يعمل داخل البيت فيجب أن لا أظهر أمامه وخصوصا "بالأزياء المنزلية" .. فأجبتها بصوت يكاد يختفي : حااااااضر .. ولم يعد قلبي يحتمل تجربة محاولة النوم لمرة اخرى .. (اعتراااض) !

قمت والغضب يعلو حاجبي ولبست ثيابا "رسمية" وخرجت لمشاهدة التلفاز ، ولكنني تذكرت بأنه –أي التلفاز- هو السبب في كل ما يحصل لي ، فهو بداية الحكاية .. حكايتي مع الإرهاق .. لكنني قلت في نفسي "وداويها باللتي كانت هي الداء" .. فاستلقيت على الكنبة في غرفة المعيشة ، وبدأت بتقليب القنوات ، وفجأة .. طرت في عالم الأحلام الجميل .. إنني نائمة .. وأحلم أيضا .. لا لا يوجد أي اعتراض الآن .. إنها أجمل لحظات عمري .. لحظات من الراحة الخالدة والأبدية .. ولكن هل سيحدث أمر ما ليوقظني في هذه المرة ؟! جرس المنبه مثلا !

لا لم يحدث شيء .. كنت في قمة الاستسلام ، ولم أعمد إلى التخطيط للنوم فنمت ! .. كثير من الأمور تهرب منا بقدر جرينا وراءها ، وذلك لأنها لا تحتاج إلا إلى إهمالها أو جعلها لتحدث بصورة طبيعية دون افتعال .. هذا طبعا لا ينطبق على كل شيء ، فبذل الأسباب مطلب شرعي ومنطقي للحصول على أفضل النتائج .. لكن الحياة تتطلب الإصرار تارة .. والاستسلام تارة أخرى .. واستبدال مشاعر الاعتراض بالرضا وحسن التوكل على الله سبحانه وتعالى ، ومن توكل على الله كفاه .

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :

أرجوك .. عد إلينا !



لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ودله على سبيل الخير وسبيل الشر، فأبت أنفس سامية إلا أن تتبع سبيل الحق والمباح، وتاقت أنفس دنيئة إلا أن تتبع الباطل والمحرم، فماذا نقول -نحن القوم الذين نحب اتباع الله ورسوله- عندما نرى الأنفس الدنيئة جلية بارزة ظاهرة علنية أمام أعيننا، والمأساة الكبرى هي عندما نجد أنفسنا عاجزين عن إيقاف ما تقترفه بحق الله سبحانه وتعالى، وبحقنا كأناس يريدون الحفاظ على دينهم وأخلاقهم من ينابيع الفتنة المتفجرة من حولهم، لقد صرنا نعيش في واقع يبكي كل من له قلب، فماذا أبقينا من دلائل تشير إلى تمسكنا بإسلامنا العظيم!
فلو تحدثنا عن الصلاة التي هي عمود الدين، سنجد الكثيرين في غفلة عن أدائها، وفئة كبيرة من الرجال يصلون في منازلهم مستهينين بوجوب أدائها في المسجد، فهي ليست من أولوياتهم بالطبع، حتى باتت المساجد فارغة من أهلها وأحبائها، ولا ننسى ذكر الذين يؤدون الصلاة بسرعة البرق، وقلوبهم سارحة وبعيدة كل البعد عن الخشوع فيها.
ولو جئنا لصيام رمضان المبارك فقد أصبح كأحد أنواع الريجيم، فلا مزيد من العبادات في هذا الشهر الفضيل، بل الأدهى والأمر بأنه بات لدى الكثيرين شهر التسلية والاستمتاع سواء بالأطعمة من ناحية أو بمختلف المحرمات من ناحية أخرى، لقد ارتضوا أن يكون شهر البرامج والمسلسلات المتنوعة، بدلا من شهر الخشوع والتقوى، يجوع الكثيرون فيه خشية من الآخرين، ولو استطاعوا إلغاء صيامه لفعلوا ذلك بكل سرور!
ولو تكلمنا عن لباس نساء المسلمين الحالي فسنتأكد أن الإسلام لم يعد له وجود حقيقي عندنا، بل هو مجرد وجود صوري.. فالنساء يرتدين كل ما يحلو لهن، وكثير من الرجال المسلمين سعداء بذلك، فقد أعمتهم غرائزهم حتى عن فطرتهم السوية، ألا وهي الغيرة على الإسلام -الذي يمن الله عليهم بأنهم ولدوا عليه- فلا نسمع لهم اعتراضا، وحتى لو كان من بينهم من هو في استياء من صورة المرأة المسلمة في الوقت الحالي، فهو مجرد كائن «أخرس» لا حول له ولا قوة، أو كما يقولون «مكسور الجناح»، فنحن نعيش بين رجال البعض منهم قد انجرف خلف شهواته، والبعض الآخر «حزين وسايلنت»، أي ليس له أي وجود فعلي يذكر، ناهيك عن شريحة تدعى «مو شغلي» والذين هم في قمة الجهل والضياع والتوهان، أسأل الله أن يجدوا «باصا أو تاكسي» ليعيدهم إلى جادة الصواب.. أو ربما خريطة لتدلهم على كنز قد أهملوا البحث عنه وأعجبهم تخبطهم في الحياة. كيف أصف لكم الفرق بين رداء المرأة المسلمة الذي أباحه الله سبحانه وتعالى لها، وبين ما ترتديه المرأة المسلمة اليوم؟! فعندما تتجولون في بلدنا الحبيبة، وفي كثير من البلدان الإسلامية، فإنكم ترون «حجابا يغطي الشعر وبنطالا ضيقا يفصل العورات والسوءات تفصيلا»، فهل هذا البنطال يعتبر في مفهومهن ساترا وشرعيا؟ ستجدون ملابس قصيرة تظهر من المرأة ما لا يجب أن يظهر -بحسب إسلامنا العزيز- إلا لزوجها فقط! وهذا عزة لها لو فكرت.. وستجدون ملابس شفافة وأخرى ضيقة وخانقة.. امرأة تعتبر نفسها مسلمة «ومحسوبة عالمسلمين» في حين أنها تكشف عن صدرها وبطنها وظهرها وأرجلها! فأين هي من الإسلام وأين الإسلام منها!؟
ولو تطرقت إلى الحديث عن التجمل بالماكياج أو «الميك أب» ولبس الكعوب، وإبراز المجوهرات والحلي، وأسلوب النساء في المشي، والتبسط في مخاطبة الرجال لقلنا: على ديننا السلام..
ولا تغفلوا النتائج السيئة التي وصلنا إليها بسبب جهاز اسمه «التلفاز»، حيث يقول المجادلون إنه وسيلة من الممكن أن تستخدم إما في الخير أو في الشر، فكم إثم، وكم عورة، وكم مشهد وكم برنامج سيئ يمر علينا أثناء تقليب القنوات فقط! ناهيك عن المحطة التي سنتوقف لمشاهدتها، فهل ستكون إحدى القنوات الدينية، أو قناة أطفال، أو قناة أخرى «نظيفة» لا تدنس نعمة البصر ولا تذهب بالبصيرة، كعالم الحيوان وسباق السيارات والرياضات الهادفة المحترمة.. بالطبع لا، ففي الغالب يشاهد الناس فيلما أو مسلسلا أو برنامجا مليئا بالمعاصي والمنكرات كالتبرج والعري والغناء والرقص وشرب الخمر، وصولا إلى النظر إلى الزنى -لدى البعض- والعياذ بالله، ولا تنسوا أن من أنواع الزنى «زنى السمع» و»زنى البصر»، وكلاهما يتم بسهولة عن طريق جهاز التلفاز، فهو في الغالب -إلا لمن رحم ربي- وسيلة لاكتساب الآثام وتغيير المفاهيم تدريجيا، والعيش على هامش الحياة، هامش الملذات اللحظية الزائلة، والاستغناء عن جنة وعدنا الله سبحانه وتعالى بها، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
إن مفهوم غض البصر بات من القوارض التي ما عدنا نرى لها أثرا، فهل بات مفهوم غض البصر عند رجال اليوم «ضعف»! وهو الخلق الذي كان يتجمل فيه أقبح الرجال فيصبح الواحد منهم كالبدر المكتمل. فما بالكم لو تجمل فيه شاب وسيم فإلى أي مدى سيبلغ جماله! إن نبينا الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم قد أوصانا بالحياء سواء للرجل أو للمرأة، وقرن الحياء بالإيمان، ووصف به نفسه، لكن الحياء اليوم على ما يبدو قد أصبح خاصا بالنساء والأطفال! والذين بدورهم ما عادوا يتحلون به، فأي مفاهيم غرست في أذهاننا فشوهت جميع الموازين الحقيقية لتصنع موازين وضعية خادعة بدلا منها، وبأي لغة نستطيع أن نتحاور بعد أن تمردنا واختلفنا على أساسيات وجذور الدين بسبب رغبتنا في اتباع أهوائنا وشهواتنا، وبأي قناع نستطيع أن نلتقي يوميا بحيث لا يرى الواحد منا ملامح الأسى والحزن التي خلفها تفريطنا في ديننا، وتخلينا عنه بدلا من نصرته..
لكننا منذ هذا اليوم سنقيم حملة كبرى نرجوه من خلالها أن يعود إلينا.. وهي بعنوان «أرجوك.. عد إلينا». فلا تنسوا ذلك.

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=2872

عزيزتي المطلقة ..




عندما نحتاج إلى الأكسجين فإننا نقوم باستنشاقه تلقائيا، وعندما نحتاج إلى الطعام فإننا نبحث عنه حولنا، وعندما نريد الحصول على المزيد من الأموال فإننا نبدأ بالتخطيط للالتحاق بالوظائف وإقامة المشاريع. فما الذي تحتاج إليه المطلقة حتى تشعر بالسلام والتوافق والأمن الاجتماعي، وكيف يتسنى لها تحقيق هذا الهدف. لقد اعتاد الناس في مجتمعاتنا العربية على توجيه مقدار عال من السخط إلى المطلقة، وهذا السخط هو خليط من الغضب واللوم والعتب والرفض والامتهان. فمن أين جاء هذا التوجه البدائي الغجري، وكيف نقبل -ونحن نواكب هذه الحقبة العلمية المتقدمة سواء على المستوى المادي أو الفكري- باستمرار هذا النهج المتخلف في بيئاتنا المجتمعية! إن المطلقة بتعريفي الشخصي هي المرأة التي تم انتهاء عقد التزامها أو إلزامها بكافة الحقوق والواجبات حيال طليقها سواء كان ذلك برغبة منها أو دون رغبتها. وكما نجد أن التعريف سهل وبسيط، ويدل على يسر وسماحة ديننا الإسلامي الذي شرع لنا الطلاق بالرغم من جعله أبغض الحلال. فلماذا يقوم البعض بتوجيه سهام السخط أو الريبة نحو المطلقة.. وكأنها عصفور بلا أجنحة يتنافس الأطفال على تعذيبها أو تقييد حريتها لمجرد أنها امرأة ضعيفة ومرهفة الإحساس والشعور. لقد سئمنا فشل المجتمعات العربية في تحقيق المستوى الفكري والنفسي المطلوب والمنتظر طويلا، ولقد آن الأوان للبدء بوضع مخططات واضحة لحركة التغيير -النفسي الفكري- الإسلامية والعربية، إن المطلقة هي في النهاية إنسان يخطئ ويصيب، ولكن من المستحيل اكتشاف العلة الحقيقية من وراء حدوث الطلاق، فحتى الطليقين قد يكونان على جهل بالأسباب الخفية والدوافع الحقيقية لحدوث الطلاق، ليتم إيجازه في النهاية بكلمة «عدم تناسب» أو «قسمة ونصيب».. فمن أخطر المسائل الفكرية أن يتم إلقاء اللوم على المرأة لكونها الطرف الأضعف والأيسر للامتهان. وإنما لا يوجد أي داع لمحاولة اكتشاف «المجرم الحقيقي» في العلاقة، فالله سبحانه وتعالى هو من لديه وحده الموازين الدقيقة لكل عمل قام به الإنسان سواء بشكل مطلق أو كنتيجة لجميع ظروفه المحيطة به منذ ولادته وحتى هذه اللحظة، والتي من المستحيل أن يلم بها أي إنسان آخر وربما حتى الشخص نفسه. فيا عزيزتي المطلقة، لا تكوني منكسرة مهزومة ومرتابة كمن أذنب ذنبا لا يغتفر.. ولا تكلفي نفسك جهد التخفي أو إخفاء كونك مطلقة، بل خالطي الناس وأخبري جميع المحيطين بك بأنك مطلقة، مع قدر عال من الثقة بالنفس، وابتسامة طبيعية تشد الوجنتين، ورضا حقيقي بما قسمه الله تعالى لك، وستشعرين بقمة السكينة والانشراح، ومن منا أيها البشر غير مبتلى بمصائب خلال رحلة حياته.. جميعنا نمر بالأحزان، ومن ثم تغزونا الأفراح.. وبين لحظات الحزن والفرح يجب علينا أن لا نضل الطريق.. فابتهجي، وتزوجي مرة أخرى ولا تستسلمي أبدا، فالحياة مدرسة فيها نجاح ورسوب، فإما نجاح من بعد رسوب، أو رسوب يتبعه رسوب. فكل شيء يمكننا إصلاحه أو تدميره مادمنا أحياء، والجميل في الأمر أن القلوب مهما تهشمت فإنها تولد من جديد عندما تنسى الأحزان وتبتسم للمستقبل. فلا للنظر إلى الوراء والانغماس في الذكريات الأليمة ولا للخوف من الحاضر ونبذ التغيير، ولا لليأس من المستقبل والارتماء «كجثة هامدة» على قارعة الطريق.

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=1973

الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

سكانه مرته .. اشدعوه !




كلما سمعت أحدا يقول عبارة "سكانة مرته" شعرت بالغثيان -وانتوا بكرامة- وذلك لأن هذه العبارة ركيكة بما فيه الكفاية سواء من حيث المعنى أو التركيب اللغوي ، فالسكان او المقود كما يسمى في اللغة العربية لاحول له ولا قوة ، إنما السيطرة تكون لمن هو ممسك به ، وبهذا المثل "الخربوطي" يتضح ان المرأة هي الطرف المسيطر عليه لانها تعتبر السكان الخاص بالزوج . دققوا ..  "سكانه مرته" ! ، ومن جانب آخر فإن ما يزيد من بشاعة هذا المثل انه يخفي بين طياته شرا وليس خيرا .. فالكائن الحي الذي اخترع هذا المثل - ولا أظنه بعاقل - كان رجلا يريد تدمير حياة صديقه الهانئة ، في حين انه كان يعيش حياة سوداء بسبب شدة تسلطه على اسرته وبالتالي كرههم الشديد له ، لقد كانت مجرد محاولة بائسة وقد تحولت إلى حقيقة تمكن من خلالها من تدمير حياة صديقة الزوجية إلى الأبد ، فلو قلنا لأي شخص حتى لو كان طفلا بأن طفلا اخر يحاول التحكم به ، فمن الطبيعي انه سيأخذ حذره منه ويقاوم جميع مبادراته ، فما بالكم لو قالها رجل لاخر وبشكل مستمر واستهزائي ، وها قد هشم حياة صديقة تماما ، فكلما رغبت زوجته بشئ نهاها عنه ، وكلما حاورته بأمر خالفها الرأي ، كل هذا ليثبت لنفسه بأنه رجل مكتمل الرجولة ومسيطر على زمام الامور .. الكثير من المشكلات والشجارات والعراكات والطلاقات كانت بسبب هذا المثل السخيف ، يردده –كالبغبغاوات-  اشخاص يحملون الاحقاد والغيرة في قلوبهم نحو علاقة متآلفة متناغمة ليوهموا زوجا "عقله ترللي" بأنه تحت السيطرة العسكرية ! ولو كنت أعرف مؤلف هذا المثل شخصيا لهشمت جمجمته المختله ، ولسلطت عليه الدود والجراد والفئران ، ولدفنته في قعر البحر الميت ، ولم لم يقل احد المتطوعين السفهاء عن فلان بأن "سكانه ربعه" أو "سكانه امه" أو ربما "سكانه خواته" ولم ولم ولم والكثير من "الولمات" ! .. ذلك ببساطة لان الهدف من المثل واضح الى ابعد الحدود ، فهو أسلوب تحريضي يراد منه تدمير البيوت السعيدة ، وذلك لان السعادة الزوجية باتت سلعة غالية الثمن ونادرة الوجود ، ومن أضناه الشقاق وكده عدم الوفاق مع زوجته الحبيبة فكل ما عليه فعله هو ان يدير ظهره للجميع ويلتفت إلى زوجته ويلبي لها حاجاتها المهملة حتى تعطيه الحب والسكن والاستقرار الذي تتوق روحه للحصول عليهم ، أما حين يسمح الزوج لصديقه او امه او اخواته بالتدخل في حياته حتى لو بإبداء الآراء والأحكام فقل على حياته الزوجية السلام ، يجب على الأزواج ان يلجموا أفواه كل غيور وحسود وحشري مهما كانت صلتهم به ، وأن يستبدلوا المثل القديم والمتخلف "سكانه مرته" بالمثل الجديد الذي يقول "زوجتي وكيفها فيني" .. -واللي مو عاجبه هالكلام يروح ينظف قلبه بكلوركس- ، وأسأل الله أن يحمي كل زوجين من شر النفوس الخبيثة التي أعماها الحقد والحسد فلا تستطيع أن تعيش بسلام وهي ترى أناس بحال أفضل منها .. وأحب أن أختتم بالحل العظيم للتحصن من هؤلاء الحاقدين .. وهو كثرة الدعاء إلى الله -سبحانه وتعالى- فهو من سيحفظ العلاقة الزوجية وينير لها السبيل لتستمر وتزداد انسجاما ، وهو من سيعاقب الحاقدين بما تستحقه قلوبهم "المتفحمة" .. فيثلج بانتقامه صدور الأزواج الطيبين .. وتصبح السكينة التي كانت شبه مستحيلة هي الوضع السائد بعد أن طمست جميع رؤوس الفساد ، والله الموفق وبه –فقط- نستعين .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=2204

قالت لي سهيلة ..



عندما كنت صغيرة ، كنت أرى العالم بألوان الزهور الرائعة ، كنت أعشق نفسي وأعشق كل شئ من حولي ، كنت صافية الذهن مستقرة البال ، وكانت السكينة تملأ كل كياني ، كنت أحب فعل الخير ، وأكره الشر بشدة ، كنت هالة من السعادة والحب والأمل ، كنت شعلة من النشاط والتفاعل والمرح . وفي يوم من الأيام ، عندما كبرت وبدأت أشعر بالحب والانجذاب نحو الشباب ، ظهر فجأة في حياتي شاب ، كان كجزء من حلم أو ومضة من صنع الخيال ، وقد قال لي أنه يحبني ، وأنه سيتزوجني ، وأنه لم ولن يعشق امرأة سواي ، وقد باعني الوهم ، وحاول شرائي بثمن بخس ، وعندما لم يتمكن من شرائي وتأكد بأنني لست بسلعة للبيع ، أخذ الوهم مني وأعطاني كأسا ، مددت يدي لأتذوق ما في الكأس ، فإذا به كأس الواقع المر ، تعرفه الكثيرات مثلي ، و يتجرعنه مكرهات لا راغبات ، وقد أجبرت على تجرعه كاملا ، حتى انني كدت أن أتقيأ من مرارته ، وظل هذا الوهم يطاردني ، أو ربما قلبي هو من يطارده ، وفي يوم لطيف وهادئ من بين الأيام الصاخبة ، التقيت به صدفة ، كان وحيدا ومثقلا بالهموم ، يجلس قريبا من البحر ، وكأنه كان يعلم بأنني قادمة إليه ، سألته : ماذا بك ؟ وتصوروا بأنه لم يلتفت إلي إطلاقا .. وإنما سارع إلى إجابتي قائلا : نااااااادم ، فأجبته وأنا أعلم حقيقة ما يقصده : وهل تستطيع إصلاح ما أفسدته ، أو استرجاع ما خسرته ؟ فقال لي : بالطبع ، والآن إن أردتي . فقلت له بصوت أثيري حزين : الآن بالذات لا أستطيع . وهنا التفت إلي بحزن ورآني أودعه بعيناي وأسير بعيدا عنه نحو رجل وسيم يقف في منتصف الطريق ، وعندما وصلت إليه أمسك بيدي بحرص وذهبنا معا ، إنه زوجي ، وفي الجانب الآخر من الطريق ينتظرني أبنائي الأعزاء ، أعلم أن حلمي القديم قد مر بتجربة حب وزواج فاشلة ، وأنه يتوق إلى استعادتي بعد أن فقد ثقتي ، وأعلم أيضا أن في الحياة فرص حينما ترحل عنا فإنها حتما لن تعود لإرضائنا ، ورسالتي إلى كل من يقرأ رسالتي ، أن يعلم بأن خسارة ملايين الدنانير أو حتى كنوز الأرض جميعا تعتبر هينة عندما تقارن بخسارة انسان ودود قد أحبك في يوم من الأيام لذاتك ، فقد يكون مخطئا في حبه لك ، وأن ذاتك لا تستحق أن تحب ، فاليوم قد تكون كل شئ بالنسبة لشخص ما ، وأما في الغد فقد تصبح بالنسبة له كالهباء المنثور ، ولذا فقد أصبحت حكمتي في الحياة "أنا الأمس لا أشبه أنا اليوم ، وأنا اليوم لن أشبه أنا الغد" وهكذا أحببت أن أحكي قصتي للجميع لعلها تكون سبب في اضفاء معنى أو اكتساب خبرة أو إيصال بهجة للآخرين .

ومع خالص تحياتي

سهيلة

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط

خدم ناقص حشم !





سنوات وسنوات ونحن نجلب العمالة المنزلية إلى مساكننا الآمنة ، تأتي واحدة وتذهب ، وتأتي الأخرى ثم تذهب ، وجوه عديدة قديمة وجديدة ، راحة وغصة ، جدية واستهتار ، حيطة وغفلة ، وتستمر القصة ، ولا نهاية لهذه القصة ، فالخادم ضرورة ملحة منذ قديم الزمان وحتى في عهد الصحابة والصالحين الأخيار ، ولكن .. بإمكاننا أن نساعد أنفسنا ولو قليلا !! ونسن من القوانين ما يرتقي بنا إلى مستويات أعلى من الراحة والطمأنينة ، فالخدم أصبحوا باهظي الثمن وبشكل خيالي ، وبالرغم من المال "المهدور" على هذه العمالة قليلة الخبرة والرزانة ، فإننا نفاجأ بانعدام الكفاءة والضمير . فكيف نكفل لأنفسنا أي نوع من الاستقرار وصفاء الذهن ونحن نضطر لمعالجة المشكلات النفسية والعقلية والصحية لمن أتينا بهم ليساعدوننا ويعينوننا على انجاز المهام اليومية التي لا تنتهي من تنظيف وطهي ومراقبة للأطفال وغسيل ملابس وكي وأمور أخرى لا حصر لها . ومن خلال إطلاعي على واقع الحال المزري الذي يتعرض له الكثيرون كل يوم ، أنصح بوضع قوانين وسبل تكفل لكل مستقدم للعمالة أن يتمكن بكل سهولة من إعادة خادمته إلى المكتب واستلام أخرى . وأن تكون هذه المسألة طبيعية جدا وشائعة ، فلماذا أضطر إلى إبقاء عاملة مزعجة في منزلي ، وأما في حالة الارتياح المتبادل بين الأسرة والخادمة فستعمد الأسرة تلقائيا على إبقائها ، والمغزى من هذا الكلام أن الأسرة حين تعيد خادمتها إلى المكتب فإنها ستكون بأمس الحاجة إلى تقديم طلب لخادمة أخرى جديدة ، والتي بدورها قد تصل بعد حوالي شهرين ، أو أن الأسرة ستضطر للجوء إلى "المسترجعة" والتي لم تترك منزل كفيلها إلا اثر خلاف حاد ، أما بالنسبة لاقتراحي فهو يكفل لكل بيت حق الاستغناء عن خادمته فور الشعور بعدم الارتياح وبأي وقت ليتسنى له استلام أخرى جديدة وربما غير مسترجعة أيضا . فمن ناحية أخرى فإن المكاتب أيضا ستكون رابحة ولن يكون هنالك خسارة ، فعندما تجلب المكاتب عدة عاملات على كفالة المكتب فإن السعر الذي سيتقاضونه من أول كفيل يتسلم الخادمة سيكون نفس السعر الحالي تقريبا لأنه سيشمل تكاليف استقدامها للكويت ، ثم يصبح استبدال الخادمة بأخرى بسعر رمزي جدا مثلا عشرة دنانير كويتية ، فسيكون للمكاتب ربح يومي عن كل خادمة مستبدلة ، وبنفس الوقت لن تعاني أية أسرة عندما تجد أنها مستاءة من خادمتها ، فكل ما على الكفيل أو "مقدم الطلب" –بحالة إلغاء قانون الكفالة- أن يذهب للمكاتب ويحضر أخرى بدلا عن خادمته  وبسعر رمزي ، وسيأتي آخرون لاستلام خادمته التي قام باستبدالها ، والتي قد تكون أكثر ملائمة للأسرة الجديدة ومتطلباتها ، ومع هذا القانون المقترح ستتاح لكل أسرة الفرصة في أي وقت لاستبدال الخادمة ، فلا خسارة مادية ولا إرهاق نفسي ولا تعطل للأعمال نتيجة لانتظار وصول الخادمة الجديدة والتي حين تصل خلال شهرين لا زلنا لا نعلم إن كانت ستلائمنا من عدة نواحي أم أننا سنكون في ضيق وحرج من جديد !  فأتمنى أن يؤخذ اقتراحي بعين الاعتبار نظرا لما فيه من الراحة للجميع سواء الأسر أو العمالة أو المكاتب ، وأن لا نغفل بأن هذا الاقتراح سيحد من الكثير من جرائم العمالة الوافدة ، فكثيرا ما تصاب الخادمة بالحقد والكراهية نتيجة لمشاعر النقص أو سوء الأحوال المادية والأسرية الخاصة بها أو لمشاحنات مع أحد أفراد المنزل ، فتصبح كالقنبلة الموقوتة ، وفجأة تصاب بحالة هستيرية -كما نقرأ دائما بالصحف- فتتصرف بوحشية مع احد أفراد المنزل وخصوصا اتجاه الأطفال الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة ، ولكن تغيير المنزل في حالة وجود خلافات أو سوء توافق أو انعدام للارتياح من قبل أحد الطرفين ، سيكفل للأسرة وللخادمة الهدوء النفسي المطلوب ، فأتمنى من المسئولين دراسة إمكانية تطبيق هذا الاقتراح والله الموفق وبه نستعين .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط

طقوس اصطياد عريس (نسخة أخرى)





يرن جرس الإنذار "عفوا المنبه" تفتح الفتاة عينها اليسرى قبل اليمنى ، تنظر إلى ساعة الآيفون بحملقة –والتصريف الثلاثي لفعل الحملقة .. حملق يحملق فهو حمليق- تربكها الساعة الكريهة التي بثت إليها خبر تأخرها في الإستيقاظ هذا الصباح ، ولكن فجأة .. تتذكر أنها بلا زوج .. وأن قطار العمر السريع يمضي ، لماذا لا يتوقف هذا القطار أبدا ! تشعر باليأس فتنوي أن تضرب يديها أخماس بأسداس –وبالنسبة للأسداس هل هو اصبع حديث التكوين- المهم ، لكنها تعجز عن ضرب الأخماس لأن يديها مغلولتان إلى عنقها و"مفقوصتان" تحته .. وهنا يبرق في ذهنها صور من مناسبات عدة ، عرس صديقتها المقربة ، خطوبة خالتها ، ملجة بنت عمها ، خطيبة ولد عمها .. ويسري الإحباط إلى جسدها المتهالك تحت الأنقاض ، تنهض قافزة قفزة واحدة إلى الحمام ، تنظر إلى المرآة "فتصرقعها" نفرة جديدة ، تحاول اقتلاعها بكل الوسائل الودية فلا تستطيع ، تنادي ميري لتحضر لها الدرل أقصد "الجلابتين" ، وبعد صراع طويل .. تنجح العملية الجراحية ذات التخدير الموضعي ، المهم ، سارعت الفتاة بالأكل واللبس وبدأت بوضع الماكياج ، مرطب ثم مجفف ثم مرطب ثم مجفف ثم حماية ثم وقاية ثم حماية ثم أساس ثم نهاية ، بعد ذلك الشدو والمسكرة والكحل والحمرة والتحديد والبودر واللمعة ولا ننسى العدسات العسلية ، أهم شئ ، حتى يظن الجميع أنه جمال طبيعي "رباني" كما يقولون ! بعد ذلك تركب سيارتها الفاخرة وتنطلق إلى ميدان العمل ، ثلاث ساعات من العمل المتوتر وها قد حانت ساعة "الإستئذان" .. هذا يومها المميز فسوف تطلب الإستئذان من العمل ، لديها شئ مهم لتقوم به ، تم قبول الإستئذان وقد انصرفت وهي تطير كالعصفور اللاهث نحو الماء ، تركب سيارتها وهي "تقروض" أظافرها الطويلة ، وتفكر بأفضل وأكبر مجمع تجاري من الممكن أن تصطاد فيه فرائسها ، ترفع الهاتف وتتصل بصديقتها المفضلة وتحددان معا نقطة الإلتقاء ، أوقفت الفتاة سيارتها وبدأت تمشي مشية العارضات متجهة إلى بوابة المجمع التجاري ، وحين وصلت لبؤرة الفساد حيث تقف صديقتها اطلقت لأسنانها العنان بابتسامة أعرض من عريضة ، وبدأتا بالمجاملات والقبل والحركات المملة المتكلفة . ثم سارتا تتهامسان ، وعيناهما لا تنظر إلا إلى الشباب ، وحين تجدان من يروق لهما تبدآن بالتبسم له ومحاولة السير إلى جانبه بطريقة توحي بأنها مصادفة . وبعد ساعتين من العناء توقف شاب وسيم جدا ، وبدأ بالحديث معهما قائلا : من منكما تريد أن تكون من نصيبي ؟ وهنا فقط التقت عينا الفتاتين ببعض . فقال : أعطوني أرقام أبويكما فسأفكر جديا باختيار أحداكن ومن ثم سأتصل بأبيها لأتقدم لخطبتها ، فانفرجت أسارير كل منهما بالرغم من القلق المكنون بداخلهما جراء هذا التنافس الشرس ، وأعطياه الأرقام المطلوبة ، سار الشاب بعيدا عنهما  وقام بالإتصال على تلك الأرقام ، حيث أخبر والدي الفتاتين عن ملاحقتهما له وتسكعهما لما يقارب الثلاث ساعات  في المجمع التجاري بينما يظن والديهما أنهما في مقر العمل .. هذا الشاب هو أحد "المنقرفين" من تصرفات الفتيات المشردات .  فيا من تنافسن بزينتكن أجمل جميلات العالم ، لن تتزوجوا عن طريق الماكياج والأزياء العارية "الموميائية" والعمليات التجميلية التي توحي بانفجار وشيك للوجه والشفتين .  ولكن الزواج الموفق يتم ببركة وتوفيق من الله وحده حتى لو كنتن في بيوتكن متخفيات عن الأعين فلن يضل عنكن هذا النصيب المقدر  . وأما من تسعى لتنعم  بالزواج من خلال علاقات الحب المحرمة فلتأذن بأجمل خيانة زوجية قادمة إليها في الطريق ، ومن تظن أن الحب يبقى والعشق يدوم وذكاؤها وجمالها هما ما سيبقي على هذا الحب فهي عديمة خبرة في الحياة ، ومن تظن بأنها تستطيع أن تغرس نفسها في أذهان الرجال فهي مخطئة ، فالرجال ليس لديهم ذاكرة عاطفية مثل المرأة ، فستكونين مجرد فتنة لحظية و عابرة ستنسى سريعا ، فلماذا تحملين نفسك الكثير من الذنوب في مقابل هدر الكرامة !  .. ولعل وصيتي إلى كل امرأة رخيصة تعرض مفاتنها لأي حاجة في نفسها أن تتراجع سريعا وتتوب توبة نصوح تسابق فيها حلول غضب الله عليها وقبل أن تفقد نعمة ظنت أنها لن تفقدها أبدا .. إن الجمال الحقيقي هو صبغة من الله سبحانه وتعالى يتوجها المرء بالأخلاق ، ولكن الإكتفاء بتجميل المظهر يدل على شدة قبح الجوهر .. نعود من جديد إلى الفتاة وصديقتها "المكلومتين" وبعد تلقي ضرب مبرح من والديهما ، فكان عقاب والديهما المحدد لهما أن تمشيان في نفس المجمع التجاري لمدة ساعتين بزي المومياء الأبيض الأشد أناقة وملائمة لهما .. ودمتم بألف صحة وخير

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط

الحكم .. اعدام !





منذ عدت سنوات وأنا أتابع الأخبار الأمنية التي تنشرها الصحف المحلية ، ومن بين تلك الأخبار قضايا الاتجار بالمخدرات ، ولعلنا نجد أن أغلب تجار ومروجي المخدرات ينتمون إلى جنسيات محددة ، ومن هنا جاء تساؤلي الملح والذي لا أعرف له إجابة أكيدة بعد ، هل يعرف هؤلاء التجار والمروجين بأن الاتجار بالمخدرات في دولة الكويت عاقبته الإعدام ؟ لا أعتقد أنني كنت أعرف هذه المعلومة قبل أن أبدأ منذ عدة سنوات بقراءة هذه القضايا ومعرفة بعض قوانين العقوبات الخاصة ببلدنا الكويت ، ولذا فإنني أظن بأن هؤلاء المروجين وخصوصا "الأتباع" ليسوا على دراية إطلاقا بفداحة العقوبة ، فأغلب المروجين هم من مجتمعات وبيئات شديدة الفقر والجهل أو تتبع نظام مختلف من العقوبات . ولا تستغربوا ما سأقوله لكم ، فمن خلال "سوالفي" مع خادمتي ، قالت لي ذات مرة بأن القاتل في دولتهم يعاقب بعدة سنوات يقضيها في السجن ثم يخرج بعدها حرا أبيا ! وقد روت لي حكاية شهدتها بنفسها عن قاتل لأبيه ، وأنه قد سجن ما يقارب الثلاث سنوات ثم عاد إلى نفس المنطقة التي يقطنون بها حرا طليقا ، وعندما أخبرتها بأننا في الكويت نجزئ القاتل بالإعدام شنقا استغربت ودهشت ، وأكدت لها بأن محققي الكويت يستطيعون استخراج القاتل الحقيقي مهما كان دهاؤه ، وهذه هي قناعتي الحقيقية أخبرها بها حتى تشعر بهيبة القانون وخشية من أن تسول لها نفسها أمرا في يوم من الأيام فمن أمن العقوبة أساء الأدب ، وخلاصة هذا الكلام أنني أقترح على وزارة الداخلية أن تقوم بتزويد جميع الوافدين من الخارج عبر أي من الحدود الكويتية ب "بروشور" ، يوضح أهم الجرائم وعقوباتها المتبعة في الكويت ، ورقة واحدة ملخصة بطريقة ذكية وبصيغة مهيبة تؤكد لكل قارئ بأن الإجراءات الأمنية المتبعة في الكويت تجعل مسألة النفاذ من الجريمة المرتكبة أمر مستحيل ، وأنا أعتقد بأن هؤلاء المجرمين بمختلف جرائمهم يتعرضون عادة لصدمة شديدة عندما يرتطمون بقوانين العقوبات المهيبة في الكويت ، ولنجنبهم هذه الصدمة وتبعات الجهل ، ونريح ضمائرنا عند اصدار احكاما بحقهم ، وجب علينا عمل بروشورات متعددة اللغات ، يتسلمها القادمون من مختلف أقطار العالم ، ويفضل أن يختمون ويوقعون عليها كدليل على قراءتهم لها ومن ثم تحفظ في الأرشيف ، وذلك قبل النفاذ من الحدود أو المطار والدخول إلى أراضي كويتنا الآمنة وأمنا الحبيبة .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط

أين كانت روحي .. ؟



كنت في حلبة المصارعة أنا والنوم ، لقد كان هذا المسيطر البغيض يصارعني حتى غلبني ، نمت وليتني لم أنم تلك النومة القهرية الجبرية ، نمت مكرهة وتحت تهديد السلاح كما يقولون ، فقد أجبرني النوم على أن أنام ، وهددني بأنني سأموت إن لم أنم ، فنمت .. و انتهت القصة .. لأنني عندما نمت لم أحلم بشئ ، ولم يحدث أي شئ مميز لأحكيه لكم ، فاستمريت في النوم لعدة ساعات ، حتى اقترب الفجر ، وقد عرفت بذلك لاحقا لأن الفجر قد أخبرني بنفسه بأنه اقترب ! وذلك يدل على أنني أخيرا قد استيقظت ، لكن أين المشكلة ؟! كلنا نستيقظ في وقت ما .. وفي مكان ما ، وهو ذلك المكان نفسه الذي نمنا فيه . ولكنني في هذه المرة قد استيقظت في مكان مختلف تماما ، مكان هادئ لا أعرفه ، يبدو كممر طويل وعريض جدا ، مصنوع من أحجار سوداء براقة ، مشيت من دون تخطيط لأنني شعرت بأنني يجب أن أمشي ، لا اسمع صوت شئ إلا صوت أقدامي ، وأشعر بأن هنالك ممرات مائية لها هدير خفي يحيط بالمكان ، لكنني لا أراها ، لا أستطيع أن أقول بأن المكان مظلم ، لكنه ليس مضيئا بكل تأكيد ، سرت سيرا طويلا لا يمكنني تقديره بالزمن الذي نعرفه ونعيشه ، سرت ربما لآلاف السنين .. وأخيرا .. ها أنا ذا أصل إلى شئ مختلف ، وهو نهاية الممر ، ولكنها نهاية مقطوعة ، فإذا مشيت لخطوة أخرى فسأهوي إلى حيث لا أتصور . توقفت بحيرة أتأمل من حولي ، فأدرت رأسي جهة اليمين ، فإذا بي أتفاجأ بحديقة خلابة رائعة الجمال أسطورية ، وبها أطفال يلعبون برقة مرتدين ملابس بيضاء وحلي عجيب ! وتساءلت في نفسي من هؤلاء ؟ وتمنيت لو أستطيع ان أكون في نفس المكان الذي يلعبون فيه ، بعدها شعرت بالرغبة الشديدة والفضول للنظر إلى الجهة الأخرى من الممر ، فلعلي أتعرف على المكان أكثر ، لكنني عندما نظرت هالني منظر نيران تلتهب من أمامي ، عالية حيث لا أرى لحجمها حد ، ورأيت أناس يحترقون بطريقة مرعبة لا تنتهي ، حينها شعرت بأنني يجب أن أتحقق مما رأيته على الجانب الأيمن مرة ثانية ، فالتفت بروية وقلق رهيب ، فإذا بي أرى الأطفال ثانية ، يلعبون في هدوء وسلام واطمئنان تام ، في مكان ساحر خلاب ، فالتفت بسرعة إلى اليسار لأرى النار العظيمة مجددا . لكن لا حيلة لدي لفعل أي شئ فالطريق مقطوع ولا يوجد أي مدخل لكلا الجانبين ، وكأن هناك زجاجا سميكا يحجب عني هذين العالمين وكل الأصوات التي تصدر منهما ، فاستدرت نحو الوراء لأرى ممري الطويل كيف هو الآن ، استدرت وليتني لم أستدر ، فقد رأيت عجوزا شمطاء قادمة من بعيد تسير بسرعة نحوي ، ووجهها ملئ بالغضب والجنون وهي تكرر بصوت عال مرتجف "اشيابج اهني" وقد أعادتها ثلاث مرات إلى أن كادت أن تصطدم بي ، وفي نفس تلك اللحظة وقبل أن تلامسني استيقظت ، فإذا بي راقدة على سريري أنتفض هلعا ، وشعرت بأن قلبي يدق بقوة كأجراس الكنائس ، لقد كان كل شئ حينها واقعي إلى أبعد الحدود ، لكنني الآن أنظر من حولي فلا أجد لا الأطفال ولا المحترقون ولا العجوز المرعبة ، وفجأة أتاني صوت أذان الفجر من الخارج وكأنه تعمد إخافتي ، فقد جعلني أقفز ذعرا حتى سالت بعض الدموع من عيني لشدة الانفعال ، مرت دقيقة من السكون خالية من العقل والمنطق والتفكير ، وبعدها قررت بأن أقوم لأصلي ، فتذكرت وأنا أسير وجه تلك العجوز القبيحة ، لقد كانت حقيقية جدا ، كم أكرهها ، شعرت للحظة بأنها صورة طبق الأصل من الدنيا التي نعيشها ، لقد أعادتني إليها رغما عن أنفي لأنه لم يحن وقت رحيلي بعد .. الحمدلله ، فلا يزال هنالك بعض الوقت لإعادة بعض الحسابات في حياتي ، توضأت .. وصليت ، ثم عدت إلى سريري وأنا أشعر برهبة كبيرة ، كنت أتمنى في قرارة نفسي لو كنت الآن ألهو مع أولئك الأطفال ، ثم عاد إلي من جديد يصارعني وأصارعه -النوم طبعا- ولكنه لا يزال أقوى مني بكثير ، يرغمني على فقدان ذاتي تماما لعدة ساعات ، ولا أدري أين يطير بروحي ووجداني ، بينما يبقي على الجزء الظاهر مني بين شهيق وزفير ، حتى يظن الناس وهم يروني نائمة ، بأنني موجودة فعلا في هذا الجسد النابض ، ويجهلون تماما بأنني أحلق بروحي وادراكي إلى ما يتخطى حدود هذا المكان والزمان .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط  

ضيف من العالم الآخر .. !




كان الدكتور عماد يجري في ممر المستشفى متوجها لإجراء عملية طارئة لأحد مرضاه ، وبينما كان في قمة انهماكه في الجري امسك بإحدى يديه رجل . نظر الدكتور عماد إلى الرجل بغضب وقال له باستنكار : لماذا تمسك بيدي .. من أنت ؟ فقال له الرجل : أنا لست من هذا العالم . فأجابه الدكتورعلى عجالة : هل تعلم أن لدي مريض على وشك أن يموت ؟ إن كنت تعاني من خطب ما فكلم شخصا آخر ليساعدك ، وهنا حاول الدكتور أن يتابع جريه ولكن يد الرجل الغامض كانت قوية بما فيه الكفاية لإبقائه في نفس مكانه بالضبط . هنا استشاط الدكتورعماد غضبا وقال للرجل : اتركني وإلا ابلغت الشرطة . وبعد هذه الجملة بالذات عم سكون رهيب في جميع أروقة المستشفى ، فلا حركة هناك إطلاقا . شعر الدكتور بسكون تام ودب الرعب الغريب في قلبه ، بعدها ترك الرجل يد الدكتور وظل واقفا ينظر إليه بعينيه الرماديتيت المائلتين للزرقة ، نظر الدكتور عماد إلى عيني الرجل لثوان ثم انطلق في طريقه إلى غرفة العمليات ، وما إن وصل إلى الغرفة حتى هاله خلاء المكان من أي شخص كان ، ظل الدكتور يجري في جميع أروقة المستشفى باحثا عن الآخرين ولكنه لم يعثر على أي شخص آخر ، عاد جريا إلى حيث التقى بالرجل الغامض فإذا بالرجل واقفا في نفس مكانه لم يتحرك شبرا ، وعينيه تنظر إلى عيني الدكتور بغموض قاتل ، إن وجه هذا الرجل خال من التعبير تماما ، وقف الدكتور أمام الرجل الغامض بخوف وقال له : بالله عليك ما الذي يجري هنا ، أين اختفى الجميع ؟ لا يوجد أحد هنا غيرنا أنا وأنت ! فرد الرجل : لم آتي إلى هنا لأجيب عن تساؤلاتك ، ولكن لتجيب أنت . صمت الدكتور عماد قليلا ثم قال : اسأل ما شئت .. ولكن اخبرني على الأقل ما اسمك ؟ فقال الرجل : اسمي صفير . اقشعر جسد الدكتور عماد وقال لصفير : تفضل واسأل ما تشاء .. قال صفير : هل تتبع في اتخاذ قراراتك العقل أم القلب ؟ فقال الدكتور : عقلي بالطبع . فقال له صفير : إجابة خاطئة ، إننا جميعا نقول هذا الكذب ولكننا في الحقيقة نتبع مشاعرنا البحته ، فقال له الدكتور : لماذا تقول ذلك ؟ هل أزعجك مني أمر ما ؟ فقال له صفير : عندما كنا صغار حديثي الولادة كنا نتبع مشاعرنا والتي هي جزء لا يتجزأ من غرائزنا ، فنأكل ونشرب ونبكي ونلعب بناء على مشاعرنا المطلقة ، ولكن عندما كبرنا ونشطت قدراتنا العقلية الاستكشافيه فأصبحنا نظن بأننا أناس منطقيون وعقلانيون ، لا تحركنا أهواءنا كما يفعل الصغار ، ولكن الواقع هو عكس ذلك تماما ، فمثلا ، عندما نختار الدين الذي نريد أن نؤمن به ، فإننا نختاره إما لأننا نشأنا عليه ، أو لأننا أحببناه ، أو لأننا شعرنا أنه دين صحيح ، فالأمر كله خليط من المشاعر ، وعندما نفكر في الاقتران بإمرأه فإننا نختارها إما انجذابا لظاهرها ، أو حبا فيما تملك من نفوذ وجاه ، أو إرضاء لآبائنا ، وهي أيضا مشاعر ، وحتى عندما نستعد لخوض حرب مع عدو لنا فإننا نحارب إما لنشعر بالنصر ، أو لنحمي أنفسنا خوفا منه ، أو في سبيل أمر آخر نشعر بأننا نريد أن نضحي بأنفسنا من أجله كالتضحية في سبيل الله ، فهي مبنية على مشاعرنا نحو الله سبحانه وتعالى ، فمتى إذا يمكننا أن نكون عقلانيين كما هو التعقل بالمفهوم الحديث أيها الدكتور عماد ، فلا يجب أن نقول كلمة عقلانيين ، وإنما كلمة "انسانيين " أي أننا نتصرف بناء على قدرتنا الإنسانية على الإختيار ، ولكن النية الحقيقية من وراء اختيار تصرفاتنا والدافع الرئيسي لها هو في الحقيقة شعور . (في هذه الأثناء كان الدكتور عماد ينظر إلى صفير بدهشة وذهول) ، وهنا سأله صفير : من المريض الذي كنت تنوي مباشرته ؟ فأجابه الدكتور : إنه شخص عزيز على قلبي جدا ، فقال له صفير : وهل يصح أن تجري في أروقة المستشفى من أجل الأحباء وتهرول من أجل الأصدقاء ، بينما تتباطأ أو تزحف من أجل العوام . طأطا الدكتورعماد رأسه ثم مسح دمعة ترقرقت في عينيه وقال لصفير : هذا أمر جاء من دون قصد ، فأجابه صفير : كان يجب عليك أن تكون "انسانيا" وأن تختار إما العدالة للجميع أو الظلم مع سبق الإصرار والترصد ، فلا مكان للعشوائية يا دكتور . كان عليك أن تسخر قدراتك الإنسانية بالخير وتصلح قلبك قبل أن تصلح قلب صديقك العزيز . فأجابه الدكتور عماد : أنا حقا ممتن لك يا صفير ، ولكن من أنت بالضبط ، وكيف توقفت الحياة فجأة في المستشفى عند مجيئك ؟ ابتسم صفير لأول مرة بوجه الدكتور وسار بهدوء في الاتجاه الآخر ثم اختفى فجأه لتعود الحركة في المستشفى كما كانت تماما قبل مجيئه ، صخب ومرضى وأطباء ، نظر الدكتور عماد في كل اتجاه لعله يلمح صفير ، ولكنه كان متأكدا حينها أن صفير ليس من عالمه إطلاقا ، واستدار الدكتور ليذهب إلى غرفة العمليات التي كانت بانتظاره قبل مجئ صفير ، ولكنه لم يكن يجري ، بل كان يسير كما كان يفعل دائما مع جميع المرضى الآخرين . دخل غرفة العمليات ، وابتسم بوجه الممرضين وقال لهم : هل لدينا مريض اسمه صفير ؟ فنظر الممرضين إلى بعضهم البعض باندهاش ، فاستعجلهم قائلا بحرج : لا تكترثوا ، حسنا ، لنبدأ العمل ، أين الأدوات ..

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط

لا تحرموني من أمي .. أنا مالي ذنب !

أبناء نصرة الحقيقيين

على الرغم من ثقتي الكبيرة بعدالة القضاء الكويتي وسيره على النهج الإسلامي والذي لا يرقى إلى مستواه نهج ، إلا أنني أضع احتمالا للخطأ في الكفة الأخرى . والخطأ الذي أحوم حوله هو التيقن من نية القاتل إن كان قد تعمد القتل أم أنه قد تعمد أمرا اجراميا آخر لا يصل إلى مستوى القتل لا من قريب ولا من بعيد ، فلا يمكن لأحد أن يتيقن من النوايا إلا الله سبحانه وتعالى ، فيا أعزائي المكلومين ، أهالي الضحايا الأبرياء ، الذين هدرت دماؤهم من باطن الفرحة والبهجة ، مرتدين أجمل الثياب ويحملون في قلوبهم أرق المشاعر وأنقاها . وها قد قضوا وانتهوا عند بارئهم كما سننتهي من بعدهم عاجلا أم آجلا . لقد غادر من بين أحضانكم أشخاص لا يقدرون عندكم لا بالذهب ولا بالمال  ولا بكنوز الأرض جميعا ، وها أنتم تتجرعون يوميا لوعة الفراق والحرمان ، فما الذي قد يكون بأشد وأقسى مما حل بكم ! ولكن أحبائي الكرام انظروا معي إلى المستقبل لثوان ، فهذه المجرمة التي تدعى نصرة ، لديها أم وأبناء ، فما أشده عليهم من مصاب ، صغار يتضورون جوعا لأحضان أمهم ، وقد آل بهم المآل لرؤية أغلى حبيبة لديهم معلقة من رقبتها بواسطة حبل الفراق . وأم تولول من لوعة فراق ابنتها التي حملتها بين كفيها منذ أن كانت لا تزن شيئا حتى كبرت وصارت زوجة وأم . لا يا أعزائي تأبى المروءة أن نصمت ، اوقفوا التفكير بالمجرم وألقوا بنظرة أمل إلى حال الصغار المكلومين مثلكم تماما ، هناك فرق شاسع بين أن تموت "نصرة" ، وبين أن تبقى سجينة إلى الأبد فيكون باستطاعة أبنائها أن يروها ويكلموها وأن لا يحرموا منها نهائيا ، فهي أمهم في النهاية وأشد من سيحبهم ويعطيهم مشاعر لا يمكن لأي أحد كان أن يعوضهم عنها ، حتى ولو كانت من وراء القضبان ، ومدى الحياة ! لا تزهقوا روح نصرة ، ولكن انصروا الرحمة التي في قلوبكم و أرأفوا بحال الصغار ، وليضع كل منكم نفسه مكان أحد أبناء نصرة ، حين يرى وسيرى وسيعلم أن أمه قد رحلت عنه إلى الأبد ، وأنه لن ولن يتمكن مهما فعل من أن يقول كلمة "ماما" . أستحلفكم بالله أن تفعلوا بها ما شئتم ولكن لا تزهقوها ، وتذكروا معي الآية الكريمة "فمن عفا وأصلح فأجره على الله" ، وآية أخرى : "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"  سورة النساء (92) . إن المجرمة نصرة امرأة شديدة الغيرة والاندفاع ، وقد رأت من زوجها نكرانا شديدا في مقابل مشاعرها الفياضة نحوه ، حيث أن قلبه المحب قد تحول عنها إلى امرأة أخرى ، وأن مشاعره التي كانت تغمرها بالحب باتت تحتضر . فلم تتمالك نفسها وعجزت عن الإتيان بقلبه وقررت وبمحاولة يائسة أن تدمر فرحة زواجه وتوهمه بأنها قادرة على إيذائه ، ولم تجد سبيلا إلا بإضرام النار ، ومن يستطيع أن يقول وأن يجزم وأن يقسم بأن نصرة كانت تعلم أن النار ستشتعل سريعا وأن الخيمة ستنهار على رؤوس الموجودين ! إنها جريمة عظمى عن غير عمد ، ككبسة زر أقوم بها عن طريق الخطأ فأسقط طائرة تحمل مئات الركاب على متنها ، فلا أنا أحمل نية قتلهم ، ولست أيضا ببريئة من أرواحهم ! خليط يحمل سوء التصرف وحسن النية أو بالأحرى براءتها من فعل القتل ، فهل يكون الجزاء في هذه الحالة هو الإعدام ؟! نحن نعلم جميعا بأن لكل منا أجل مكتوب عند الله تعالى ، والموت والحياة ليس بأيدينا ، ولكنني في الختام أوجه كلمة ورجاء ساخن إلى جميع أطراف القضية ، فأناشد قلوب القضاة بأن يرحموا أمها وصغارها من ويلات فراق الموت ، وكفى بالله شهيدا على من يرحم ضعيفا لا حول له ولا قوة ، وكلمة بصوت جريح لأهالي القتلى الأبرياء أن اصبروا وجاهدوا واحتسبوا ، فالله لا يضيع أجر عذابكم وصبركم ، فما من شئ  في السماوات والأرض وفي أنفسكم إلا حاضر عند الله في الميزان الأعظم . فاعفوا ، وأبشروا بنعمة من الله عليكم وفضل عظيم ، ولمسة حنان على وجوه أبناء نصرة ، تلك الوجوه الصغيرة الناعمة والتي تحمل قلبا مفجوعا باكيا وأنينا يعصر قلوبنا ويفجر من أعيننا أنهارا ، ونظرة صامته حائرة إلى عيني أم نصرة ، ودعاء من خالص القلب أن يتم إيقاف إعدام نصرة ، مع تطبيق أشد عقوبة عليها دون الإعدام ، وإليك يا نصرة أن أكثري من الإستغفار والتوسل إلى الله عزوجل ، عسى الله أن يغفر لك ما اقترفتيه بحق الضحايا وأهليهم ، فتوبة نصوح ، وأسأل الله أن يرحمنا جميعا برحمته الواسعة وأن نكون في مصاف أهل التقوى والصلاح ، وأن نحيا حياتنا الثانية والأخيرة في جنان الخلد والنعيم .
منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط

أبناء الكويتية الكرام ..




اختلفت البشرية جمعاء على أحقية تجنيس أبناء الكويتية ، فانقسم البشر إلى قسمين ويا ليتهم انقسموا في قارتين متباعدتين وكل قارة لا تعرف عنوان القارة الأخرى ، المهم ، عبرت المجموعة (أ) عن رأيها في موضوع تجنيس أبناء الكويتية بالتالي : إن أبناء الكويتية لا يستحقون الجنسية الكويتية ، وذلك لأن الابن ينسب لأبيه ، إذاً فهم ينتسبون "كجنسيات" لآبائهم أصحاب الجنسيات الأخرى ، ولو أننا تجاوزنا عن ذلك وقمنا بمنحهم الجنسية الكويتية فسوف يترتب على ذلك ما يلي : اولا : استمرار وزيادة حالات زواج الكويتية من ال"غير كويتي"  مما قد يقلل من أهمية ومكانة الرجل الكويتي في المجتمع ! ، ناهيك عن "زواج الطمع" والذي قد يحطم قلب الكويتية التي كانت تظن أن الغير كويتي يحبها لذاتها بيد أنها عاجلا أم آجلا ستكتشف الحقيقة المرة !  ومهما كان عمرها وقدرتها على الاختيار ، فإن هذا القانون سيحميها رغم أنفها ! ثانيا : سيزداد عدد أفراد الشعب الكويتي مما سيؤدي إلى توزيع مالي أكثر على شريحة من الأفراد أكبر ، فلربما أصابنا الفقر جراء ذلك ، فبالرغم من أننا شعب قليل وبأمس الحاجة إلى التكاثر ، ودولتنا من أغنى الدول عالميا ولكننا في مسألة النفط نحب أن "نحاتي ونوسوس" ! ثالثا : إننا نقوم بتجنيس أشخاص يحملون الولاء لدول آبائهم مما سيؤثر على أمننا الداخلي في البلاد ! وهل يعقل بأن يحمل من ولد وعاش بالكويت وأمه كويتية ولاءً خارجي ، ولم لا يقال المثل بالنسبة للكويتيين من أبناء الأمهات الأجنبيات ! رابعا : قد يصبح مجتمعنا "خلطبيطة" ، أي أننا لن نستطيع أن نفرق بين الكويتي وغير الكويتي لا شكلا ولا لهجة ولا أصلا وفصلا ونصلا ! وهنا أؤكد بأن لهجة الأبناء تصاغ تبعا للهجة الأم وليس الأب ، وأما بالنسبة للأصل والفصل والنصل ، فأذكركم بأن الكويت لم تزرع أحدا ، وأن جميع الكويتيون هم بالأصل بشر قد خلقهم الله سبحانه وتعالى كسائر الخلق ، فأينما كانوا ومن حيثما جاؤوا فهم الآن كويتيون ، لا يجب أن يتباحثوا في أصولهم لإقامة التفاضل والتعالي بالأنساب ، فلا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح . وأما الآن فلدينا في الكفة الأخرى المجموعة (ب) ، والتي ترى بأحقية حصول أبناء الكويتية على الجنسية ، ويرون أن لمنحهم الجنسية الكويتية نتائج مترتبة وأمور يجب استيضاحها ، أولا : إن ابن/ابنة الكويتية قلبه معلق بالكويت ، فلطالما ولد وعاش بها ، واشتم زرعها وهواءها وماءها وترابها فهو منها دون سواها ، وأن قلبه الحزين يتشوق إلى اليوم الذي تحتضنه فيه وتقول له "أنت ابني من دمي ولحمي" ثانيا : زواج الكويتية من غير الكويتي ليست خيانة له ! المسألة طبيعية جدا ولا يجب أن تؤخذ بحساسية مرضية ، ولو كانت هذه خيانة فلم لا نعتبر زواج الكويتي من الأجنبية خيانة لشخص المرأة الكويتية ومشاعرها ، وكلما رأينا كويتيا مع زوجته الغير كويتية أشرنا عليه بالبنان وقلنا "يا الخاين لك الله" ! إن الأجنبي  -إذا كان مسلما- والكويتي إخوة ، لن يقلل أحدهما من قيمة الآخر بل سيدعمها بالمصاهرة والمحبة والتراضي . ثالثا : لا أهمية لتجنيس زوج الكويتية إطلاقا ، فلم الخوف من زواج الطمع ؟ فهل يعقل أن يتزوج أجنبي بكويتية طامعا بتجنيس أبناءه منها منتظرا أن يكبروا بعد (25) عاما ليعينوه على الحياة ؟ وهل هذه كلها ضمانات بالنسبة له ! أم نخشى أن يستولي الأجنبي على علاوة أبنائه ! فلتذهب العلاوة إذاً لأمهم الكويتية وتنتهي المسألة . رابعا : أبناء الكويتية سيزيدون عدد الشعب الكويتي ويحسنون النسل صحيا وجماليا . وسيكونون داعمين للكويت ككويتيين . فبالرغم من أنهم عاشوا عليها ودرسوا في مدارسها وانصبغوا بتراثها وثقافتها إلا أنهم يعاملون معاملة هي أقرب لمعاملة الوافدين منها للكويتيين ، فكيف سيدعمونها كما يفعل أبناؤها ! وكلمتي الأخيرة والمقتلعة من صلب الواقع والحقيقة أن "أبناء الكويتية الكرام" كالجرح المكشوف والذي طال عليه الأمد ولم يلتئم بعد ، ففي كل يوم يتعرضون لنفس الصدمة التي تذكرهم بأنهم يعيشون في وطن لا يعترف بهم ، سواء في أماكن عملهم أو في الأماكن الرسمية أو المجالس المتنوعة أوسائر المناسبات والمحافل . فرسالتي سأدفنها في أعماق تراب الكويت النقي الجميل آملة منه أن يحتضنهم بشوق ، حيث يكون بإمكانهم التعبيرعما كان يجول بخاطرهم منذ سنوات طويلة ، حيث عبرت عنه كلمات الأغنية الكويتية الرقيقة والمؤثرة " على أرضج مشينا وعلى ترابج بنينا .. انتي ديرتنا وغيرج ما حبينا .. بلدي الكويت بلدي الكويت .. أحبج يا الكويت .. بلدي الكويت" .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية ورقيا فقط