إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 يناير 2012

ام فراسة الحمدانية .. !




لم أرَ أبا فراس الحمداني ولم أعرف شخصية ذلك الرجل الحقيقية، ولكن كل ما أعرفه أنه كان شخصا شجاعا ومعتدا بنفسه إلى أبعد الحدود، وفي أسره كان يؤلف أشعارا مذهلة، وقد علمه الأسر الفرق بين العدو والصديق، وقد لاحظت أن شخصيتي المتواضعة وشخصية أبي فراس الحمداني «فولة وانقسمت نصين» كما يقول إخواننا المصريون، وذلك لأنني شجاعة مقدامة أحب الدفاع عن الحق ونصرة المظلومين، ومعتدة بنفسي لدرجة تحطم غرور أي رجل، ولكن الشجاعة والاعتداد بالنفس ليسا كل الحكاية، وليسا أهم الصفات، بل يجب أن يكون الرجل طيب القلب، متسامحا مع الغير، كريما فيما يملك، حنونا وعطوفا على أهله، رحوما بالضعفاء والمحتاجين، حكيما في قراراته، متزنا بأفعاله، جادا في وعوده، صادقا في كلماته، مخلصا لأحبائه في السر وفي العلن، والأهم من هذا كله تقوى الله، فهل كنت يا أبا فراس الحمداني كذلك؟ ولو كنت كذلك فليتك بيننا الآن، حيث يمكن أن يقوم العلماء باستنساخك على عدد نساء الأرض، فكل امرأة ستتمنى موت من تحظى بك يا «حمداني» .. ومن هنا فقد وجب أن تكون من نصيب كل امرأة، ولن يتحقق ذلك إلا بالاستنساخ! ولو قلتم بأن الاستنساخ صعب أو محرم.. فسيكون الحل الأوحد هو إيجاد أبي فراس حمداني واحد على الأقل، والقيام بفتح مدرسة باسمه ليقوم بتعليم جميع الرجال كيف يكونون نسخة منه، وحينها يمكن أن تعطى للخريجين شهادة «حمدانية» تؤهلهم للتقدم لخطبة أي امرأة يختارونها، وحينما ستسأل الفتاة خطيبها عن مؤهلاته الزوجية ويخبرها بأنه «حمداني» فإنها ستنزل رأسها باستحياء وتقوم لإحضار «الشرباط».. أو «الشربات».. وهي تكاد تطير فرحا، رحمك الله يا أبا فراس الحمداني..

 وهذه الأبيات مما قال:

إننا قوم، إذا ما صعب الأمر كفينا
وإذا ما ريم منا موطن الذل أبينا

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=6358

تجنيس عادل .. !



لعلنا نعرّف الجنسية على أنها الانتماء الحقيقي للإنسان، وأنها تعبير عن خلفيته الثقافية. ولكن نظرتنا خاطئة! إن جنسية كل منا لا تعبر عن انتمائه وثقافته بقدر ما تعبر عن وضعه الاجتماعي، فمن يحمل الجنسية الكويتية لأب كويتي وأم آسيوية مثلا فقد يكون منتميا إلى وطن أمه سواء جينيا أو لغويا أو وجدانيا.. ولذلك فإن الجنسية ليست إلا إثباتا قانونيا يضع كل شخص في وضع اجتماعي معين، وهذا الإثبات يرمز إلى الانتماء الثقافي والوجداني، بيد أن الواقع يقول -أحيانا- عكس ذلك. فكم من شخص لا يحمل جنسية «بدون»، وكم من شخص من «أبناء الكويتيات» يكن للكويت ولاء ليس بأقل مثقال ذرة من ولاء الكويتي «الأصيل»، كما يقال عمن هو كويتي الجذور. بل لأن تلك الفئتين قد ذاقتا طعم التمييز فهما أرهف حسا وأكثر احتياجا للانتماء ممن لم يتعرض لمشاعر النبذ والاضطهاد، فهم يسعون جهدهم لكسب ثقة المحيطين، ولكن هل هذا سيعطيهم حقهم المفقود! هنالك الكثير من «البدون» المستحقين للجنسية الكويتية، يصطفون في نفس «طابور العرض» مع الذين يخفون جنسياتهم الحقيقية، فمن ينصفهم ويثلج صدورهم ويعيد إليهم كرامتهم المهدورة لسنوات! نعم إن من ينبذ في وطنه هو في وضع ذلة وقهر وامتهان، ولكن في ظل صعوبة تجنيس الجميع، ووجود الكثير من العراقيل والثغرات القانونية، فقد جئتكم باقتراح لعله يكون سببا في حل أزمة التجنيس من جذورها، فهذا البلد المعطاء يحمل كويتيين أبا عن جد، ويحمل متجنسين تحت بند الأعمال الجليلة، ويحمل كويتيين لأمهات أجانب، ويحمل متجنسين من أبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات، وأيضا متجنسات لأزواج كويتيين، ولا تنسوا المتجنسين بالتبعية «أي تبعا لآبائهم».. إذاً فهو مجتمع متنوع الأعراق والأصول، وهذه مسألة صحية. ولكن حتى تكون دولتنا الحبيبة أكثر تطورا، وجب عمل نظام محدد للتجنيس يمنح كل من يعيش على هذه الأرض الشعور بالعدالة والمساواة، ولذلك أقترح بأن يتم تجنيس كل شخص عاش في الكويت ثلاثين سنة فما فوق. طبعا المسألة لا تخلو من الشروط الهامة للمتجنس:
- أن يكون ملفه الأمني نظيفا.
- أن يكون قد عاش جميع تلك السنوات في دولة الكويت ولم يغادرها إلا لسياحة أو علاج أو للدراسة مع إحضار ما يثبت ذلك.
- أن يكون في أغلب السنوات التي عاشها بالكويت موظفا وليس عاطلا.
- أن يكون متقنا للهجة أهل الكويت.
فكيف لمن عاش على أرض ثلاثين سنة أن لا ينتمي لها ثقافيا أو وجدانيا، بل وكيف لا يعشقها ويتمنى أن يدفن -بعد موته- فيها.. وقد حفظ شوارعها ومرافقها وأركانها وكأنها بيته. ثلاثون سنة لا يمكن أن يمضيها إنسان في وطن إلا وسيتغلغل حب ذلك الوطن في قلبه إن لم يكن قد أحبه منذ الوهلة الأولى..
فهل يعقل أن يحمل طفل حديث الولادة «لأب كويتي وأم أجنبية» الجنسية الكويتية، بينما لا يحملها الشخص الذي عاش يخدم على أرض الكويت لثلاثين سنة متوالية على أقل تقدير!
إن الكويت «أم» لكل من يعيش في كنفها خادما لها وحريصا على مصلحتها، ومن حقه في المقابل بأن يُعترف به كأحد أبنائها، ولعل أجمل شعور وطني أن يحببك وطنك كما أحببته.


منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=5598

الخميس، 1 ديسمبر 2011

تلوث بصري .. !




جميل أن نعيش حياتنا الدنيا في حالة استقرار نفسي وراحة بال وسكينة وهدوء ، فالإنسان الطبيعي لا يحب الحروب والصراعات والخلافات بجميع أنواعها . ولكن هذا ليس موضوع اليوم .. إن موضوعنا اليوم عن مفهوم التلوث البصري .. فكيف يتلوث البصر ؟ وهل بإمكاننا أن نلوث البصر بسكب بعض المواد الملوثة عليه ؟! نعم إنه تلويث بصري ولكن بالمفهوم المادي ، بينما أنا أتحدث عن التلوث البصري بالمفهوم الديني والنفسي .. فما الأمور التي قد تلوث البصر دينيا ونفسيا ؟ إنه لمن الجلي أن ما يلوث البصر دينيا هو النظر إلى ما حرم علينا ديننا النظر إليه ، وما يلوث البصر نفسيا هو النظر إلى ما تشمئز منه الأنفس أو تكره النظر إليه . ومع الأسف فإن الناس قد اعتادوا النظر إلى الكثير من المشاهد المحرمة حتى باتت أنفسهم غير مشمئزة ولا كارهة لما تراه . وبالرغم من أن عقيدتنا الإسلامية قد أمرتنا بغض البصر عن كل عورة ومثار فتنة أو شهوة ، إلا أن عامل التعود قد جعل منا "أصناما حية" .. نعم نحن أصنام لا نرى لا نسمع لا نتكلم .. إلا في سخافات الحياة ، نحن لا نستنكر المنكر ، ولا نثأر لفطرتنا ، وليس لدينا حمية وغيرة على ضياع الدين ! التلوث البصري بات ينهش بأعيننا ليل نهار ونحن –ربما البعض- سعداء !! فإذا تحدثت عن نفسي كامرأة فسيكون اعتراضي أنني لست مضطرة كلما خرجت من المنزل أن أشاهد عورات كان الأجدر بها أن تكون لبهائم وليس لبشر .. الكثير من "الجينزات الضيقة" التي تفصل الأجساد بطريقة حيوانية مزعجة للفطرة السوية ، فمنذ متى كان الإنسان يفصل جسده ليعرضه على الآخرين ودون قطرة حياء .. لقد أصبحت المرأة اليوم –وفي كل بقعة ومكان- أشبه بالحيوان الذي لا يملك من العقل ما يهديه إلى أن يستر جسده .. ومهما كانت زينة أولئك النساء فهن كالحشرات المقززة إلى أبعد الحدود ، والحمد لله أن "الكاسيات العاريات" لا يدخلن الجنة ولا يشممن ريحها . فهنيئا لهن المظهر الحيواني في الدنيا ونار جهنم في الآخرة .. ! ولكن ما رأي شباب ورجال اليوم بهذا التلوث البصري .. هل أنتم سعداء يا شباب الأمة بظهور المرأة بهذه الصورة دون أن يجرء أحدكم على الاعتراض ! هذا العري المستورد من بلدان كافرة وإباحية جاءت لتروج لنا سلعها الفاسدة من مسلسلات وأفلام تقطر بالعاطفة المثالية المزيفة وكأن الخيانة ليست واقع الحال هناك ! وأما عن أبطال المسلسلات (فهم/هن) من يملكون الحسن والجمال وقوة الشخصية والذكاء والثقة وكل ما يجعل المشاهد –وخصوصا المراهقين- أسيرا للوهم وللأماني الكاذبة والمشاهد الخيالية المبهرة . سئمنا محاولة "ابتلاع السكين" وتحمل حياة لا تناسبنا .. فأرجو أن تضع الدولة من القرارات السليمة والصحية ما يجعل بإمكان كل مسلم أن يخرج من بيته للتنزه ليعود دون أن يكون مستاء و"قرفان" ومشبّع بالكثير من مشاهد التلوث البصري بدءا بالجينز الضيق والملابس القصيرة ، وانتهاء بالوجوه المنفوخة وميك أب العرايس ! هو حلم جميل وسيعيد قلوب المسلمين صافية كما كانت قبل كثرة معاصينا وحلول غضب "الله" سبحانه وتعالى علينا .. فهل من مجيب ؟


منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=5539

في غسالة الحياة .. !




كيف تحول بنا الزمن بهذه الصورة الهائلة .. فبعد أن كنا أبرياء نستيقظ  صباحا لمتابعة المشرك جورج .. أقصد "شاركي وجورج" أصبحنا لا نكترث إلا ببرامج "اهذر على راسي" .. والمصيبة أننا أثناء متابعة هذه البرامج فإننا "ندوخ" لعدة مرات ، حتى نبدأ بعدها بالدخول في "الغيبوبات" المتقطعة ، وعندما نستفيق من الغيبوبة بسبب انتهاء البرنامج الهادف  فإننا نلمس رؤوسنا وإذا بها مغطاة بطبقة من الدهن "العداني" ، نظرا لثقالة ودسومة دم مقدمي البرامج "الت .. وع .. وعيه" على حد ادعائهم .. بعدها نذهب بالطبع لإزالة الزيت عن على رؤوسنا وذلك بالدخول في الغسالة وإحكام إغلاقها من الداخل ، وبينما نحن ننظر من نافذتها فإذا بأبنائنا يريدون منا تدريسهم ، وبينما نحاول مخاطبتهم من وراء "شباك الغسالة" إلا أنها تبدأ بالدوران رويدا رويدا ثم ندور من أمامهم بشكل جنوني حتى لا يعرف الأبناء حينها الجد من الهزل ، وبعد انتهاء الغسلة نسارع إلى طرق الباب فتفتح لنا باب الغسالة "لاكشمي" المحترمة ، وهي تبدي علامات الاستهزاء  بعقلياتنا ، نخرج من الغسالة ونحن نترنح ، ونبرق بنفس الوقت بسبب الصابون اللي معاه بالغسيل مفيش "مستاحييييييل" ، ثم نسقط أرضا وأبناؤنا الصغار يقفزون فوق ظهورنا دون أدنى إحساس ، وبعد أن نستعيد نشاطنا نقوم بالخروج من المنزل بصحبة بعض الأصدقاء راكبين العربة التي تجرها بعض الأحصنة أقصد بعض "التواير والمحركات" ، وبينما  نحن نتبادل التحية مع الأصدقاء فإذا بالصفيحة تبدأ بالإزعاج ، عفوا عفوا اقصد الموبايل .. نرد ولا ما نرد .. نرد ولا ما نرد ثم نرد عالصفيحة المزعجة ضاربين بمن معنا وسوالفه عرض الحائط كما نفعل دائما ، وبعد أن ننهي "كعكعتنا" الغير مبررة ، نقفل بوجه المتصل بمزاجية أهل ٢٠١١ الأخاذة .. ونعاود الحديث مع الأصدقاء ونحن لا زلنا ندور ونتجول بالعربة ذات العجلات والسكان والمكيف .. حتى أصبحنا كالأواني الفخارية التراثية التي اعتاد الناس على رؤيتها في المتاحف ، ثم نقرر فجأة استضافة أنفسنا في أي مقهى أو مطعم يأوينا فقد سئمنا الدوران وسئمنا المنزل و "حيطانو" .. المهم وبعد دخولنا لأحد المطاعم الراقية متظاهرين بالرقي وكأننا أبطال "الماتريكس" حيث تم التوسل إلينا لزيارة هذا المطعم .. وبعد الجلوس وطلب وفرة من الطعام والشراب بل وعبدلي أيضا .. جاء وقت الكعك الملطخ ب"الفادج" الذي يوحي اسمه بالولد الصغير "المتبتب" من شدة العز ، ولا ننسى الشراب الأزرق والأحمر فقد أصبحا أشربة مميزة لدى الكثيرين ، وحيث يحلو اللقاء والجلوس في مطعم "شلني" فإننا ونظرا لكثرة الطعام نصاب دائما بالشلل ، والحمد لله فقد تم توفير خدمة جديدة تقوم بإيصالنا إلى السيارات عن طريق منجنيق صغير يدرس الكترونيا المسافة بين سيارتنا ومحط أرجلنا بالمطعم ليقوم بدوره بقذفنا أرضا عند عتبة باب السيارة بالضبط ، وما أن نركب سيارتنا حتى نعلي صوت الموسيقى ونطير بين العربات الحصنية المسرعة  و"نبتون" يمين وشمال وناسة يلا كلنا بنموت ، وما أن نصل إلى بيوتنا بمعجزة خارقة حتى نعنفش ونكتئب من جديد .. أولم نقل أننا سئمنا "حيطانو" .. وها نحن نهوي في صالة المنزل مستلقين على "القنفة" المريحة ، وبعد أخذ قسط وافر من الاستراحة التي لا تخلو من العبث بالصفيحة النقالة واستعراض آخر ما وصلنا عبر برنامج "ماذا هنالك" ! الرائع .. ولسنا إلا بانتظار برنامج "مين هناك " ! .. المهم وبعد القيام بعملية البرودكاست الشهيرة فإننا نقفز على اللابتوب قفزا كما تفعل القرود عند مشاهدة الموز .. وبعد أن نسبب للجهاز "التأفف" والنفور الشديد من وجوهنا فإننا نقوم بالذهاب للنوم ونحن نسحب أرجلنا التي باتت أثقل من دمائنا "الشرباتية" ، وبالرغم من شدة الظلام وبرودة المكيف وهدوء الليل إلا أن الصفيحة لا تزال بأيدينا ومعنا جنبا إلى جنب ، فلربما جاءنا اتصال من شخصية هامة ولها ثقلها كما يقال حتى لو كانت خفيفة على الميزان ! المهم ، وبعد أن تسقط الصفيحة بجانب عيننا اليسرى نظرا لأننا غطينا في سبات عميق ألا إن صفيحتنا لا تزال تومض برسائل المحبين والبرود كاستيون العظماء .. فهي العين الساهرة والتي لا تنام أبدا ومهما كانت الظروف .. إلا إذا خلص شحنها طبعا .. وماذا بعد .. فنحن أيضا نحلم أثناء نومنا بثلاثة أمور لا غير وهي الطعام والبرامج والطلعة ، حتى إذا ما استيقظنا فإننا نتوجه إما إلى الثلاجة أو التلفاز أو السيارة بدلا من أن نتوجه إلى أمهاتنا كما كنا نفعل في تلك الأيام الخوالي ، التي كنا نشاهد فيها "سيند السيئ" اقصد سيند باد ، و"تو مان جيري" أي الرجلين جيري ، علاوة على المشرك الذي أخبرتكم به .. ولكننا الآن تغيرنا وتحولت براءتنا إلى سلوكيات مفتعلة وغير مجدية ، فهي لا تجلب لنا الراحة أو السكينة بل مجرد متع لحظية وشغل لوقت الفراغ بتوافه الأمور حتى أن "فلونه" لو كانت بيننا حية ترزق لفضلت العودة إلى الجزيرة المهجورة على البقاء مع هذه "النفوس المضطربة" .. بل إذا فعلتها فسنقول بأن الشرهة علينا اللي فتحنا لها قلوبنا ، ودعنا من أننا كثيري المن والتفضل على الآخرين ، بل إن ما ذكرته لهو واقع حال الغالبية مع الأسف ، فلا أهداف مرجوة تستحق أن نرهق أنفسنا لأجها ، ولا سكينة ننعم بها في ظل هذا الأسلوب من العيش والجبن كذلك ، وتقبلوا تحياتي الحارة وربما لو كانت "فطاير" لتقبلتموها أكثر  .. ودمتم بصحة وعافية

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4741

الأحد، 20 نوفمبر 2011

ماذا سأفعل لو .. حكمت العالم !





كثيرا ما راودتني فكرة إصلاح العالم وذلك منذ صغري –وهل العالم  تلفاز محطم أو كأس مكسور مثلا-  لعل هذا يدل على شخصيتي القيادية ، حقيقة لا أعرف ، ولكنني أحب التفكير في المستقبل كثيرا ، وأحب أن أحسب حساب الكثير من الأمور لدرجة تثير دهشة البعض وسخرية البعض الآخر ، فالبعض يحب أن يخطط لحياته ويعتبر ذلك نجاحا ودهاء ، أما البعض الآخر فهم من النوع الذي لا يحب أن يضيع جهده في شيء غير مضمون ، فالعمر غير مضمون وسائر العوامل التي من الممكن أن تدمر الخطط المستقبلية هي عوامل غير مضمونة أيضا ! المهم ، وأثناء ممارستي لرياضتي المفضلة وهي المشي ، ويا حبذا لو كان المكان يطل على طبيعة خلابة أو بحر .. بدأت أغوص في أعماق هذه الفكرة ، وسألت نفسي بحزم : ما الذي سأفعله لو حكمت العالم بأسره .. أي أن تصبح لدي سلطة بشرية مطلقة على الآخرين .. فهل أنا من النوع الذي إذا أعطيت سلطة وقوة بدأت بممارسات وحشية ضد الضعفاء ؟ أم أنني من النوع الساكن الذي يعتبر وجوده مثل عدمه ؟ أم أنني ذلك النوع الذي يسعى للتطوير الشامل والإصلاح مع وافر من الحس الإنساني والرحمة ؟ فلا تنسوا أن الإصلاح الحقيقي "الصادق" لا يجتمع مع القمع والقسوة . المهم .. سأبدأ بسرد استراتيجياتي الرئيسية التي سأعتمد عليها في إصلاح هذا العالم ، وهو أمر من المستحيل أن يتحقق ولكن لا ضير من ذكر تلك الإستراتيجيات .. أولا : سأقوم بإلغاء خريطة العالم القبيحة التي تقوم بتقسيم الدول بطريقة عشوائية مملة ، وحيث أن العالم بأسره سيكون دولة واحدة ولكنها مقسمة إلى مناطق متساوية في المساحات تماما . ثانيا : لكل مساحة أو بقعة حاكم ، يتم انتخابه من بين الذين يرشحون أسماءهم عن طريق القرعة ، وله الحق في أن يحكم  لمدة سنة فقط ، ويجوز  للرعية محاكمته وإنهاء حكمه قبل إتمام السنة فقط في حالة قيامه بعمليات إجرامية "أي مؤذية جسديا" تخص أفرادا أو جماعات ، على أن يتم حينها انتخاب شخص آخر ليقوم بحكم هذه البقعة لمدة سنة فقط ، ولا يجوز للحاكم التجديد إلا إذا ظهر اسمه بالقرعة لمرة أخرى في صدفة شبه مستحيلة . ثالثا : سأقوم بوضع قانون الحبس –لمدة معينة طبعا- لكل شخص يهاجم أو يحارب أو يهين أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى ، والمسموح هنا فقط الحوار الهادف والكلام المنطقي المدعم بالأدلة والحجج والبراهين ، على أن تنتهي الحوارات دائما بشكل سلمي بالرغم من شدة الاختلاف وعدم الوصول إلى أي اتفاق ، فالهدف من التحاور هو إبراز المعلومات والأفكار وليس الإقناع الحتمي ! رابعا : سأقوم بإلغاء السيارات والدراجات النارية جميعها ، وستكون وسائل النقل جماعية أي "قطارات وطائرات وبواخر وما شابه" ، والهدف من ذلك هو التقليل من الحوادث المميتة التي تكثر في تلك الوسائل الفردية من ناحية ، والتقليل من مشاكل الزحام والتلوث وسوء استغلال الطبيعة والبيئة من ناحية أخرى ، فباستثناء القطارات ووسائل النقل المشابهة ، فإننا سننعم بأراض خضراء مزروعة تمتع الأبصار وتدعمنا بالأكسجين وتمنحنا الشعور بطعم الحياة الحقيقي . خامسا : سأمنع أي امرأة من أن تظهر في العلن عارية ومتبرجة ، بل سيكون على جميع النساء دون تفرقة أن يلبسن ملابس فضفاضة وساترة حيث أنها ستكون ملابس لا تظهر ولا تشف ، فلن يظهر من المرأة إلا وجهها وكفيها ، أما الوجوه فستكون على طبيعتها تماما وستكون حتما أقرب للأنفس وللطبيعة من كونها مبهرجة . والسبب هنا هو فرض احترام المرأة لمشاعر الرجل وعدم التلاعب بها ، ودرءا للفتن التي تلي ظهور المرأة سافرة -بكل تأكيد- والتي منها تعريض الرجال للخيانة ، وللعزوف عن الزواج ، وللتشتت الذهني المستمر . وقد تحدث ديننا الإسلامي العظيم عن فتنة المرأة للرجل ، ولم يقصر علماء الغرب في استيضاح تلك الحقائق مؤخرا بعد دراسات متعمقة ، لكن الأمر بديهي لم يكن بحاجة إلى دراسة تأثيراته المجتمعية الخطيرة والكاسحة . سادسا : لن يكون هناك عري على شاشات التلفاز أو وسائل الإعلام إطلاقا ، لأننا نتحدث عن قوانين يفرضها حاكم واحد بحيث تسري على جميع الدويلات أو البلدان ، وستكون هنالك عقوبات صارمة للمخالفين . سابعا : لن يكون هنالك أية دبابات أو طائرات حربية أو قنابل أو مسدسات أو حتى سيوف ، وسيحظر تصنيع أبسط الأسلحة ، فإذا ما حدثت مشادة بين الناس فلن يجدوا ما سيستخدمونه في العراك سوى سكاكين الطهي أو أرقى الأحذية إن استحبوا ذلك إلى أن تأتيهم الشرطة وتفض النزاع . ثامنا : لن تجدوا أي نوع من الخمور أو المخدرات ، ولا حتى السجائر والشيش ، ولا أظنكم تجهلون الأسباب ! تاسعا : لن يكون هنالك إمكانية لإقامة أي علاقة غير شرعية ، فالعقوبات صارمة ، والرقابة شديدة وغير مسبوقة بشكل يجعل من إقامة مثل هذه العلاقات عملية شبه مستحيلة ، مع وضع قوانين حازمة لتيسير فرص الزواج وإبادة لمصطلح "غلاء المهور" . عاشرا : سيكون النظام الديني السائد هو النظام الإسلامي ، مع إمكانية احتفاظ كل فرد بديانته الخاصة وإقامة شعائره الدينية ضمن إطار عدم المجاهرة بشيء ينهى ديننا الإسلامي عن المجاهرة به ، مثل الإفطار العلني في نهار رمضان .
وبالرغم من أنني لم أنهي جميع النقاط ولكن النقاط التي ذكرتها هي من أبرزها ، وفي الحقيقة لا رغبة لدي في حكم العالم لمجرد تحقيق السيادة على الآخرين ، ولكني في الحقيقة أرغب ومن كل قلبي بأن يقوم رجل ما بحكم العالم بأسره وتطبيق ما تناولته من نقاط ، وأن أكون أحد الرعية التي تتبع هذا النظام ، فليس هنالك نظام أفضل من نظامنا الإسلامي الذي تم تشويه صورته بشدة بين من يجهلون حقيقته من خلال الجماعات الإرهابية التافهة ، أو المخططات الإسرائيلية التي تعمد إلى استخدام أشخاصا يدعون الإسلام ويقومون بأعمال لا يمكن وصفها بأقل من شنيعة ، وذلك لينظر العالم إلى المسلمين باحتقار وكراهية !  ولكن الإسلام أعظم من أن يرتبط بشكل أو بآخر بتلك الجماعات الضالة والمتخلفة .
وفي الختام ونظرا لاستحالة تطبيق مثل هذه الخطط الخيالية الرائعة ، فالأجدر بي أن أصفع نفسي لأستيقظ من هذا الحلم الجميل ، وأعود لعالم الواقع مرة أخرى ، حيث نجد العري والخيانات والحروب والثورات والفساد والمخدرات في كل مكان . ويكفينا أن يحلم كل منا حلمه الخاص لبضعة دقائق فحسب ، فمن الغبي الذي سيضيع عمره بالأحلام !

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4367
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4507

السبت، 19 نوفمبر 2011

طفولة السفاحين ..!





لكل منا مرحلة طفولة ذهبت ولن تعود ، وبالرغم من استحالة عودتها مجددا إلا أنها تركت في أنفسنا أبلغ أثر ، وختمت على أدمغتنا بنظام محدد لأسلوب التعامل مع كل ما يحيط بنا ، فلا يمكن أن تكون طفولة السفاح الذي يتعامل مع الآخرين بلغة الدم مليئة بالسكينة والموعظة والوعي .  فهذا النمط المهيأ لارتكاب الجرائم البشعة لابد وأنه مر في طفولته بما هشم جميع مفاهيم المحبة والعدالة والإيثار في نفسه .. بل لابد أن يكون هنالك ثمة ما زرع في قلبه الدافع نحو طريق ارتكاب الجرائم بحق الآخرين دون أي مقدار يذكر من مشاعر الندم أو الحزن والاكتئاب ! .. وبالرغم من أن الأمور التي يتعرض لها الطفل خارجة عن سيطرته وتقوم بإرغامه على معايشتها ، إلا أن الطفل حين يكبر ويصبح واعيا لحقائق الأمور فإنه قد أصبح مكلف بتغيير نفسه والتجرد من جميع خبراته السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية !! إن هذا الكلام سهل وتفاؤلي إلى حد كبير ، ولكن الواقع يقول غير ذلك . فمن أصعب الأمور أن تأتي بشخص قد تعلم في طفولته دروسا من قبل المحيطين به بفنون ومهارات السرقة ، وقام فعليا بمزاولة هذه المهنه حتى اعتاد عليها ، ثم ها هو نفس الإنسان وقد كبر وأصبح رجلا شريفا ومحترما وبعيدا عن استسهال السرقة أو الميل إليها ! وقد ذكر في الأمثال أن "من شب على شيء شاب عليه" مع قليل من المبالغة واليأس .. ولعله ليس من الضروري أن تنقل ما عايشته في مرحلة شبابك إلى المراحل الأخرى التي تليها ، ولكنني أتحدث عن دور الطفولة في صقل الأخلاق والإستراتيجيات الخاصة في التعامل مع المحيطين ومع المشكلات والضغوط ، فالطفولة تبرمج أساليب تفاعلنا مع البيئة وما تحتويه من أشياء وأشخاص تماما كما يحدث مع الحاسوب ، فهو مبرمج على أساسيات لا يمكنه أن يعمل من دونها أأ. ومن هنا جاءت أهمية التربية على الدين والأخلاق الحميدة كوقاية لمجتمع كامل من الضياع . فكيف يمكن أن نحيي في أبناءنا حب الخير و الأخلاقيات الإسلامية الحميدة ، وننفرهم من الأنانية والحقد والكذب والبخل والجبن والطمع وسائر الصفات الذميمة .. كيف نقوم بدور فاعل وأن لا نمسي مقصرين بحقهم ، وأن نؤدي أمانتنا كآباء بأفضل صورة ممكنة ، فلو كان الإنسان يولد ومعه بذرة محددة للخير أو الشر لما أوصانا ديننا الحنيف بأن نحسن تربية أبناءنا ، وأن نهتم بتعليمهم الدين والأخلاق منذ نعومة إظفارهم .. وأن لا نعتبرهم كالحيوانات الأليفة التي نقوم بتربيتها عن طريق إطعامها وتوفير المكان المناسب لها حتى نستأنس بها فحسب ! بل يجب أن نعتبر أبناؤنا أمانة في رقابنا ، وأن نغرس فيهم مفاتيح الخير والاستقامة والصلاح .. وأن نعلمهم كل صفة من الممكن أن يتحلى بها إنسان صالح فيصبح كالألماس ، ذو قيمة وأهمية بحد ذاته .. وأن ننفرهم من كل صفة من الممكن أن تقلل من شأن الإنسان وتجعله وضيعا مذموما وقبيح الجوهر .. ولعلنا إن أخلصنا النية بهذا العمل لله سبحانه وتعالى ، أن يبارك لنا في ذرياتنا ، وأن يجعلهم لنا قرة أعين .. ولربما لم أتمكن من الحديث عن مسببات "التشرد النفسي الطفولي" وذلك لأنها كثيرة ومن الصعب حصرها . ولكن كل أبوين باستطاعتهما التمييز بين ما يسمى "عناية" وبين ما هو "إهمال" ، ومن خلال الحرص على الاعتناء بكل ما يختص بشئون فلذات أكبادنا والحرص من جانب آخر على تجنب إهمال تلك الشئون ، سنجد أننا حققنا انجازا عظيما في صنع إنسان سوي هو في حد ذاته ثروة لا تقدر بثمن ، ويجب أن تشمل العناية بالأطفال كل من الجانب الصحي والنفسي والديني والتعليمي والاجتماعي والأسري .. فالأبناء أمانة في رقابنا حتى نموت ، ولا شيء يستطيع أن يكفر ذنب إهمالهم أو إساءة تربيتهم ومعاملتهم .. فأبناؤنا هم أكبادنا التي تمشي على الأرض ، لا بل هم أجمل وأغلى وأثمن من ذلك بكثير .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4092

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

بماذا أفكر ؟!




عندما نعيش في هذه الحياة لسنوات طويلة فإننا نتعلم الكثير من الأمور  ، ولكن بعض الخبرات القيمة يرفض الغالبية تعلمها ،  فالجميع يتعلمون منذ طفولتهم الأكل والشرب واللعب وإقامة العلاقات الاجتماعية ، وبعد ذلك هم على استعداد لتعلم الحقائق العلمية ، وبعد سنوات أخرى قد يتعلمون الكثير من الأمور النفسية كالحب والتفاؤل والسعادة إضافة إلى القلق والإحباط واليأس .. إذا ما الذي ينقصهم تعلمه ! لعل قمة الجهل في الإنسان تكمن في الغفلة والنسيان .. فقد أنسته الحياة أن يتفكر في ذاته ، ليته يستطيع –لبعض الوقت- أن يتجرد منها ، فلينظر إلى جسده الفاني من أين أتى ، وما ماهيته الأصلية ، وكيف صنعت وتآلفت جميع مكوناته بكل تفاصيلها الدقيقة ، بل وكيف تجري جميع العمليات الحيوية فيه ! لماذا جاء .. وإلى أين سيعود .. وكيف هي طريقة محاسبته على ما اقترفه في حياته من ظلم للآخرين ، وما هو جزاؤه على أعمال الخير التي قام بها .. وكيف له مشاعر وقلب متقلب فقد يحبك أول النهار ويمسي وهو يكرهك .. فلديه كم هائل من المشاعر الغامضة والمتناقضة ، ولديه عقل يفكر ويدبر ويخطط ويحسب ويرصد ..  يسأل نفسه أحيانا إن كان على حق أو باطل .. يحتار في الآخرين ان كان يحبهم أو يكرههم ، رب كلمة أو همسة أو لمسة قادرة على تغيير مسار حياته المتبقية ، يخشى الموت ، وهو مجرد ضيف على الحياة .. فإن قالوا لك انه مجرد صدفة فقل وهل تتشكل الصدف بهذه الدقة ، وإن قالوا لك تناسخ أرواح فقل لهم وكيف بدأ هذا التناسخ ! .. إنما الحقيقة تكمن في إجابة واحدة هي التي ستريح عقولنا وقلوبنا وضمائرنا ، وهي ما ينقصنا تعلمه .. أن هنالك خالق واحد هو "الله" سبحانه وتعالى .. خلقنا لغاية وسنعود إليه بعد وقت قصير نسبيا ، هذا الرب والإله له كل المملك والعزة والقدرة ، فان كنت تظن بأنك ثري وصاحب ملك فإنك تعيش في ملكه سبحانه ، وان كنت تظن بأنك عزيز نفس فانه سيذلك متى شاء ، وأما إن كنت تظن بان لك قدرات هائلة فإنما أنت كمن يحمل مصباحا ليضاهي به الشمس التي خلقها الله ! إن الجمال لله وحده وكل عبد مهما كان جماله فهو قبيح عند مقارنته بجمال الله سبحانه وتعالى ، فما بالك لو تعمد عصيانه فما أقبحه ؟! فإذا سئلت عن دين هذا الخالق فدينه الإسلام ، دين يطلب من العبد الاستسلام لأوامر خالقه دون استعلاء وكبر ، فمن حق الخالق على المخلوق أن يستسلم له –طوعا أو كرها- وأن يبجله .. فهو بكل ذرة فيه ملك له . ولعل من يتفكر في هذه الحقائق الجلية ويعمل بها أن ينال رضا الله -سبحانه وتعالى- عنه ، وان يفوز بما خسره أغلب الناس .. وهو النعيم في الدارين الدنيا والآخرة .. وهذا من أعظم ما ينقصنا أن نتفكر فيه .

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

إيد بالبيت .. وإيد بالدوام !


 

في جميع ميادين الحياة يمكننا قياس درجة التطور والرقي ، فالتطور ليس فقط ببناء منزل الكتروني ، أو باختراع سيارة تسير عن طريق التخاطر، أو بسلة مهملات تلحق بك -أينما تذهب- حتى لا ترمي القاذورات على الأرض ! وإنما التطور يشمل جميع نظم الحياة البشرية ، فأسلوب التعامل مع الأشياء والأشخاص والقيم والنظم هو المقدمة الحقيقية لبناء حضارة متطورة في شتى المجالات بما فيها المجال التكنولوجي العظيم . ويمكننا أن نقول بأن التطور هو إحداث تغيير إيجابي ومرغوب يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التغييرات المشابهة . أما عن نوع التطوير الذي أرغب بالحديث عنه فهو الخاص بساعات العمل الرسمية في القطاعات الحكومية . ولربما كان من الصعب تحقيق ذلك ولكنني أظن بأن هذا التغيير سيحدث نقلة هائلة للمجتمع على كل من المستوى الوظيفي و الأسري والاجتماعي ، إن ساعات العمل الرسمية "الست" لم تعد تواكب هذه الحقبة الزمنية وخصوصا بالنسبة للمرأة . فالمرأة نصف المجتمع ولا يجب أن تهمش وظيفيا ، وبنفس الوقت لا يمكن أن تحمّل فوق طاقتها لمجرد مساواتها مع الرجل ! فالرجل لا تقع على عاتقه مسئوليات المرأة الفطرية نحو أبنائها منذ لحظة تخلقهم ، وما تعانيه حينها من عثيان وآلام وإرهاق وأرق حتى لحظة ولادتهم فتنتقل مع تلك اللحظة إلى حقبة جديدة من الجهد الجبار والمتواصل ، بيد أنها نفس الإنسان المفوض بكافة أعمال المنزل من ترتيب وتنظيف وطهي وإشراف كلي على كافة الشئون المنزلية ! هذا هو واقع الحال –مع الأسف الشديد- في أغلب البيوت . وبالرغم من وجود الخدم فلا يمكن إبعاد المرأة عن ميدانها الحقيقي لتبقى غائبة عنه لستة ساعات متواصلة حيث يكون الإشراف الرئيسي للخادمة وهذا أمر سيء للغاية . إن اقتراحي الذي سأذكره سيستمر بالمساواة بين الرجل والمرأة ولكن في إطار أكثر مرونة ، وهذه المرونة هي معيار التطور الفكري عند المجتمعات وهي الحالة المعاكسة للتصلب الفكري . فلو قسمنا ساعات العمل اليومية إلى فترتين ، وكل فترة تحتوي على أربعة ساعات متواصلة ،  الفترة الأولى من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية عشر ظهرا ، والفترة الثانية من الساعة الثانية عشر ظهرا وحتى الساعة الرابعة عصرا ، ولكل شخص أن يختار -عن طريق عقد العمل- إن كان يريد العمل في الفترة الأولى أم الثانية أم لفترتين متتاليتين فيكون له ضعف راتب من يعمل لفترة واحدة  . هنالك الكثير من الفئات التي لا تستطيع العمل لمدة ستة ساعات متواصلة كالمرضى وبعض المعاقين والحوامل ومن يتكبدون مسئوليات شاقة كرعاية ذويهم من المسنين أو أطفالهم الرضع ، والكثير من الظروف والأحوال القاهرة التي قهرتها الساعات الستة المتواصلة وأرغمتها على التكيف معها . إن هذا الاقتراح سيعيد إلى الكثيرين الشعور بحب العمل والرغبة في الإنجاز ، وسيقلل من البطالة بشكل كبير ، فالوظائف ستنقسم إلى فترتين وسيزداد عدد فرص التوظيف ، وستتمكن النساء من الاهتمام بصغارهن وإعداد الطعام بأنفسهن لأزواج "يئسوا" من طبخ الخادمة ، وسيعم الانشراح النفسي في أجواء المنزل من ناحية والعمل من ناحية أخرى بدلا من الوجوه الكئيبة الشاحبة التي "تطلطل" على الساعة كل خمسة دقائق منتظرة لحظة انتهاء الدوام الرسمي أو "الهده" كما كنا نشعر عند انتهاء الدوام المدرسي فنتدافع نحو بوابة المدرسة كالهاربين من فم الموت ! ناهيك عن أن الكثير من الوظائف الرسمية لا تحتاج إلى ستة ساعات من العمل فغالبا تكون الثلاث ساعات الأخيرة مخصصة ل "السوالف" و"الجيمز" أو أي أسلوب يمكنه قتل الوقت الذي يمر على الموظف كحد السيف على الرقبة . ويمكن أن يطبق النظام نفسه على المدارس حسب المراحل الدراسية أو حسب جدول الحصص الأسبوعي . قد يبدو التغيير في بدايته شاق ومكلف من حيث الوقت والمجهود .. ولكنه في النهاية سيأتي بثمار طيبة تعود على الجميع . فلا يوجد تطوير من غير جهد ، ولنسابق الحضارات أولا في تحقيق أعلى مستويات التوازن والانسجام المعيشي ولندع التفكير ببناء الناطحات وصنع الصواريخ خطوة تالية .

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :

الخميس، 10 نوفمبر 2011

تعدد الأزواج أم وحش البحيرة ؟





عزائي الشديد لكل امرأة رغبت في يوم ما بتعدد الأزواج ! فهو محرم شرعا في ديننا الإسلامي ، ولكننا نسمع قصصا كثيرة عن نساء يعاصرن معاناة حقيقية مع أزواجهن . فمن تتزوج بمن يكبرها كثيرا فهي تعيسة حقا ، لأنها كمن تعيش أجمل لحظات عمرها مع جدها ، ومن تتزوج بمن يصغرها بكثير فهي معرضة لخيانته أو لزواجه عليها سواء عاجلا أم آجلا . ومن تتزوج بمن في مثل سنها فهي في خوف دائم على مصيرها المجهول معه ، والذي سيتحدد بعد عدة سنوات تكون خلالها قد كبرت في عينيه وذبلت أوراقها حتى وإن كانت لا تزال في ريعان شبابها ! حيث يبدأ هو بالبحث عن الأصغر سنا متناسيا بأنه أيضا قد كبر وأوشك على أن يصبح "جدو" ! إن إصابة الزوج بمرض مزمن لن تبيح للمرأة أن تتزوج عليه ، وكثرة أسفار الزوج وانشغاله لأشهر طويلة عن زوجته لن يبيح لها الزواج عليه ، ودوام معاملته القاسية لها وبشاعة ألفاظه معها هما أيضا لن يبيحا لها إمكانية الزواج عليه ، وافتتانها بزميلها في العمل أو قريبها ، وشعورهما بأن معزوفة سحرية تسري بين قلبيهما لن يبيح لها إمكانية الزواج عليه ، وحتى عجزه التام أو دخوله في غيبوبة لن يبيح لها أمرا كهذا .. فما أعظم صبر النساء على أزواجهن ، فلم أر في حياتي أشد نكرانا للجميل من رجل يتزوج على امرأته دون سبب جلي ، كمرض دائم يصيبها بالعجز التام ، أو مرض عقلي يلم بها بحيث تكون غير مؤهلة لتحمل أي مسئولية .. ولكن المؤلم حقيقة أن نرى نساء صابرات قد تحملن قسوة الحياة ومرارتها ، فهن ولسنوات طويلة يسندن ظهور "أشباه الرجال" الذين ما أن جرت  الأموال في أيديهم ، أو دب العشق الكاذب "المؤقت"  في قلوبهم المتجمدة ، أو حثهم رفقاء سوء على الاستمتاع بامرأة أخرى ذات مواصفات أخرى . حتى سارعوا لنكران سنوات العشرة الحلوة والمرة ، وقاموا بهدم العش الذي لا يمكن بناءه في وقت أقل مما مضى ، لاهثين وراء متع وشهوات وقتية لن تعجز الزوجة الأولى عن تحقيقها لو كان لهم عقل واع .. لكنهم في النهاية لن يحصدوا إلا الخسارة .. فالعش الذي بني لسنوات طويلة سيهدم ، وإن ما كان بين الزوج وزوجته من مشاعر أمر لن يعود مهما ندم الزوج وحاول الإصلاح ، فتخيل يا رجل بأن "تعدد الأزواج"  أمر مباح .. وأنك كنت تعيش في أمان واطمئنان مع زوجتك التي كثيرا ما كنت تساندها خلال مشوار حياتكما الطويل ، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن تستبدلك بزميلها في العمل ، وهو شاب وسيم ويصغرك سنا ، وقامت بالفعل بالزواج به متجاهلة شعورك بالأسى والصدمة والاكتئاب . فهل بالإمكان أن تسامحها وأن تغفر لها استبدالها الرخيص لك ! إن الأصل في الخليقة هو زوج وزوجة ، آدم وحواء -عليهما السلام- ، فلم يخلق الله لآدم أربعة نساء .. ولكن ديننا العظيم قد أباح التعدد في مواضع خاصة وضرورية للغاية ، وأخبرنا بمحاذيره التي تقشعر لها الأبدان .. فهو برمته أمر لا يهدف إلى تحقيق متعة ، بل يهدف إلى تحقيق حاجة أساسية لا يمكن تحقيقها إلا به . فكم من رجل يرتدي لباس الدين والتقوى لأنه يظن بأن الإسلام قد أباح التعدد لإشباع نزواته التي لا تنتهي ! ولو تعلمنا ديننا الصحيح وسيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لبلغنا العلم بأن لزواجه من نسائه رضوان الله عليهن أغراض دينية حقيقية تختلف تماما عن أغراض المهووسين بالمرأة ، الذين لو شغلوا عقولهم بأمور ذات جدوى ، لربما استيقظنا من سباتنا  المعيشي والتقني . ونصيحتي لكل امرأة بأن لا تقبل ب "التعدد الاستمتاعي" .. وأن تجنب نفسها الكثير من الألم النفسي بالاستغناء .. فإذا كانت شريحة من الرجال قد أباحت لنفسها هدم البيوت والمشاعر بالتعدد لغير حاجة ماسة  ، فلتبيح المرأة لنفسها فرصة الزواج للمرة الثانية والثالثة والعاشرة .. ليس المهم فقط أن تعيش مع شريك حياة . وإنما المهم أن تعيش مع شريك يحترمك ، ويقدر مشاعرك ذلك التقدير الذي يتمناه لنفسه . ويبقى لدينا سؤال أخير موجه لكل رجل في العالم .. لو كان تعدد الأزواج مباح شرعا .. فهل كنت تفضل أن تكون الأول أم الثاني ؟ ولو خيرت بين أن تتزوج عليك امرأتك وبين مقاتلة وحش البحيرة –والذي تتحدث عنه الأساطير- فأيهما ستختار ؟؟؟

منشور في جريدة الكويتية الإخبارية :

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=3748

خذ من حياة المشاهير .. عبرة !




أمر غريب.. ماذا فعلت بنا هذه العولمة .. فإن لم تكن هي المسيخ الدجال إذا فهي زوجته! فبالرغم من مميزاتها العظيمة إلا أنها قامت بشل عقولنا الحرة، فجميعنا يحاول ـ لا شعوريا- أن ينضم إلى الطابور نفسه! طابور الفكر والسلوك، فكأننا صرنا نخشى التمايز والاختلاف، الجميع قد انضم للصف إلا فئة واحدة، هي فئة الذين «يخشون الله سبحانه وتعالى»، فهي الفئة الوحيدة التي قامت بعزل نفسها جزئيا عن تيار النهر الجاري باتجاه الاسترضاء والمسايرة والتقليد.. تقليد من؟.. تقليد الثقافات الأخرى بما يتنافى مع الدين والأخلاق والأدب والذوق العام! إذاً لماذا نقوم بتقليد ما يتنافى مع هذا كله «الدين والأخلاق والأدب والذوق العام»!!! .. لأن العقل صار فارغا من محتواه الفطري أقصد الفكري، ومحشوا بفضلات العولمة «عزكم الله».. فما هي فضلات العولمة؟ إنها الثقافة الفنية.. وإبداعات أهل الفن ـ كما أطلقوا على أنفسهم- فلماذا لم نركز على استيراد الثقافة الطبية والصحية من خلال العولمة؟ ولماذا لم نستورد الثقافة العلمية والتقنية؟ هجرنا جميع مميزات تلك الثقافات وأخذنا أيسرها وأرخصها وأسفلها.. الثقافة الفنية.. والمنتوج المفرغ من محتواه وفوائده. وأدمنا تتبع خطوط الموضة ـ كما يسمونها- وآخر الأفلام والمسلسلات، وأخبار المشاهير، وماذا أيضا؟! عاداتهم وتقاليدهم وسلوكياتهم المنحلة. فمهما كان عدد المسلمون الذين يدخنون أو يشربون الخمر أو يتعاطون المخدرات أو يرتكبون الزنى -والعياذ بالله- أو يقومون بجرائم القتل وغيرها، فلا يمكن أن نصف تلك الممارسات بالإسلامية! فالإسلام يحرم هذه الأمور وينهى عنها بشدة. إنما هي «منتوجات» أجنبية بالأصل، تخص ثقافات تستحلها لنفسها ولا تحرمها، وقد روجت إلينا من خلال الإعلام والسياحة. وها نحن اليوم نقدس السياحة في تلك البلدان، ونحرص على تتبع جميع الأعمال والأخبار الفنية، وننزلق أكثر في ثقب العولمة الأسود الخاتمة، ثم لا ندري لماذا نعيش في مآس حقيقية!!!
أما البعض منا فمازال يجهل أنه يعيش في مأساة أصلا.. تريدون الحقيقة أم الخديعة؟ تريدون الواقع أم خيالكم الخصب؟! إن الواقع يتكلم ولكنه لا يجد أي مستمعين.. مع الأسف لاحظوا معي حياة المشاهير: فنانة أجنبية مشهورة تعيش مع زوجها المشهور جدا، لمدة لا تقل عن عشر سنوات، تحبه بشدة.. وها قد حانت لحظة الوداع.. فـ «الأخ حاب يغير الستايل».. فقام بتوديعها ليتزوج بالأصغر سنا، والتي هي من وجهة نظره الأجمل والأفضل، وماذا عن صدمتها التي هزت الوسط الفني آن ذاك.. فماذا استفادت من المال والجمال والشهرة إلا صدمة قاضية في الصميم؟ كانت تتربص بها لسنوات دون أن تشعر بدبيبها.. وفنانة أخرى هي أشهر من نار على علم، مال وجمال ـ حسب رأي البعض- وشهرة، وزوجها لا يقل عنها شهرة إطلاقا، فعل الشيء نفسه من أجل افتتانه بالفنانة «خطافة الرجال»، والتي قام بترك شريكة حياته الرسمية ليعيش مع الأخرى حياة البهائم، دون زواج، بل وكرس نفسه لتربية أولادها.. فما هو إلا رجل شهم! أما الزوجة الأولى فقد تعرضت لصدمة ما بعدها صدمة!! فهل هم في نعيم دنيوي كما ندعي أحيانا حين نشعر بالغيرة من حياتهم المليئة بالحريات؟ أم أنهم في جحيم عظيم لا يخفف وطأه إلا بعض المتع الوقتية التي يمارسونها كالأكل والبغاء «أعزكم الله ورفع من شأنكم».. وفنانة أخرى فقدت جنينها الأول بعد طول انتظار له، وأصيبت بانهيار عظيم.. وتدّعون أنهم سعداء! وفنان أجرى محاولة للانتحار بسبب ترك عشيقته له بسبب افتتانها برجل آخر، ولكنه نجا من الموت ولم ينج من الصدمة.. و»لستة» من أسماء المنتحرين والمنتحرات حول العالم من أهل الفن بالرغم من وجود المال والجمال والشهرة! وقد قرأت الكثير من سير حياة الفنانات العربيات لأجيال الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.. الكثير منهن تزوجن لأكثر من ثلاث مرات! ولم يوفقن.. وهذا ينطبق على الرجال الذين تزوجوا منهن أيضا.. وبالطبع لا أستطيع أن أذكر الأسماء الحقيقية لهؤلاء، لأنني لا أحب الخوض في مشاكل مع «أهل الفن»، فهم بالنسبة إلي «لا شيء يذكر» وليسوا أهل فن وليسوا نجوما وليسوا أصحاب مهن أحترمها.. ولكن أريد أن تعتبروا من حياة الفنانين والمشاهير، فبالرغم من توافر جميع النعم المادية التي نظن بأنها أسباب للسعادة، فإنهم في حزن واكتئاب مستمر! طلاقات، خيانات، مخدرات، فضائح، سجن، إجهاض، أمراض، وفي النهاية إفلاس! فعندما «أفل نجمهم» صد الناس عنهم.. فمن لنا غير الله ربنا لنرضيه ونتوسل إليه أن يبارك لنا في حياتنا ويقينا من كل المصائب والشرور؟ لا لا يجب أن يدعي البعض منهم التدين ويلتف به كوشاح، ليقرأ القرآن قبل أن يقدم فقرته الغنائية، أو يرفع يديه بالدعاء إلى رب السماوات والأرض بجلالة قدره بأن يُنجح عمله الفني الجديد.. والمصيبة الأكبر أنه عمل يقدم في شهر رمضان! ألا تستحون من الله مثقال ذرة؟! وهنالك من يقوم بالتبرع للفقراء والمحتاجين بالمبالغ الباهظة حتى يقال: «فلان كريم»، وهو عمل كله نفاق، فالتبرع للفقراء لا يحتاج إلى إعلان، وبدلا من التبرع العلني والدعاء المستنكر والصلاة قبل الرقص! استروا عوراتكم، وامتهنوا مهنة ترضي الله سبحانه وتعالى عنكم، وتوقفوا عن النفاق وتعويض الشعور بالخواء والإحساس بالذنب، بحجة أو صيام أو صدقة تعلنونها في جميع وسائل الإعلام ليعلم الناس كم أنتم صالحون! في الحقيقة يطول الحديث عن أهل الفن والهوى، ولكن الوقت يداهمنا.
ولا يسعنا إلا أن نسأل الله بأن يهدينا للخلاص من داء الفن، وتتبع المرئي والمسموع والمقروء منه.. والتفرغ للحياة الطبيعية الواقعية، والتي لا تسعى إلى تلقيننا الكذب والخيال، وتجمل لنا الحرام وتبرزه بأجمل حلة مغشوشة خادعة، وترغبنا بالقبيح وتنفرنا من الصحيح، وتبيعنا الوهم وتشتري أدمغتنا الفارغة.. وبالله وحده نستعين.

نشر في جريدة الكويتية الإخبارية :